وقال السمرقندى :
﴿ فَإنْ حَاجُّوكَ ﴾ أي خاصموك وجادلوك في الدين ﴿ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ للَّهِ ﴾ أي أخلصت ديني لله.
وقال الزجاج : إن الله تعالى أمر نبيه أن يحتج على أهل الكتاب والمشركين، بأنه اتبع أمر الله الذي هم أجمعون مقرون.
أنه خالقهم ورازقهم، فأراهم الآيات والدلالات بأنه رسوله. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٢٢٧﴾
وقال البغوى :
قوله تعالى :﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ ﴾ أي خاصموك يا محمد في الدين، وذلك أن اليهود والنصارى قالوا لسنا على ما سميتنا به يا محمد إنما اليهودية والنصرانية نسب، والدين هو الإسلام ونحن عليه فقال الله تعالى ﴿ فَقُلْ أَسْلَمْت وَجْهِيَ لِلَّهِ ﴾ أي انقدت لله وحده بقلبي ولساني وجميع جوارحي، وإنما خص الوجه لأنه أكرم الجوارح من الإنسان وفيه بهاؤه، فإذا خضع وجهه للشيء خضع له جميع جوارحه، وقال الفراء : معناه أخلصت عملي لله. أ هـ ﴿تفسير البغوى حـ ١ صـ ٢٠﴾
وقال أبو السعود :
وإنما عبر عنها بالوجه لأنه أشرفُ الأعضاء الظاهرة ومظهرُ القُوى والمشاعر ومجمعُ معظم ما تقع به العبادةُ من السجودِ والقراءة وبه يحصل التوجُّه إلى كل شيء. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١٨﴾
فائدة
قال الماوردى :
فإن قيل : في أمره تعالى عند حِجَاجِهمْ بأن يقول :﴿ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ ﴾ عدول عن جوابهم وتسليم لحِجَاجِهم، فعنه جوابان :
أحدهما : ليس يقتضي أمره بهذا القول النهي عن جوابهم والتسليم بحِجَاجِهم، وإنما أمره أن يخبرهم بما يقتضيه معتقده، ثم هو في الجواب لهم والاحْتِجَاج على ما يقتضيه السؤال.
والثاني : أنهم ما حاجُّوه طلباً للحق فيلزمه جوابهم، وإنما حاجُّوه إظهاراً للعناد، فجاز له الإِعراض عنهم بما أمره أن يقول لهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٨١﴾


الصفحة التالية
Icon