قال البصريون : الأصل : يا الله، فحُذِفَ حَرْفُ النداءِ، وعُوِّضَ عنه هذه الميمُ المشددة، وهذا خاصٌّ بهذا الاسم الشريف، فلا يجوز تعويضُ الميم من حرف النداء في غيره، واستدلوا على أنها عِوَضٌ من " يا " بأنهم لم يجمعوا بينهما إلا في ضرورة الشعر، كقوله :[ الرجز ]
وَمَا عَلَيْكِ أنْ تَقُولِي كُلَّمَا... سَبَّحْتِ أوْ هَلَّلْتِ يَا اللَّهُمَّ مَا
أُرْدُدْ عَلَيْنَا شَيْخَنَا مُسَلَّمَا... فَإنَّنَا مِنْ خَيْرِهِ لَنْ نُعْدَمَا
وقَوْلِ الآخر :[ الرجز ]
إنِّي إذَا مَا حَدَث ألَمَّا... أقُولُ : يَا اللَّهُمَّ، يَا اللَّهُمَّا
وقال الكوفيون : الميم المشددة بَقِيَّةُ فِعْل محذوفٍ، تقديره : أمَّنَا بخير، أي : اقْصِدنا به، من قولك : أمَمْتُ زيداً، أي : قصدته، ومنه :﴿ ولا آمِّينَ البيت الحرام ﴾ [ المائدة : ٢ ] أي : قاصديه، وعلى هذا فالجمع بين " يا " والميم ليس بضرورةٍ عندهم، وليست عوضاً منها.
وقد رَدَّ عليهمُ البصريون هذا بأنه قد سُمِعَ : اللهمَّ أمَّنا بخير، وقال تعالى :﴿ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً ﴾ [ الأنفالِ : ٣٢ ] فقد صرَّح بالمدعُوِّ به، فلو كانت الميمُ بقيةَ " أمَّنَا " لفسد المعنى، فبان بُطْلانهُ.
وهذا من الأسماء التي لزمت النداءَ، فلا يجوز أن يقع في غيره، وقد وقع في ضرورة الشعر كونه فاعلاً، أنشد الفرّاء :[ مخلّع البسيط ]
كَحَلْقَةٍ مِنْ أبِي دِثَارٍ... يَسْمضعُهَا اللَّهُمَ الْكُبَارُ
استعمله - هاهنا - فاعلاً بقوله : يسمعها.
ولا يجوز تخفيفُ الميم، وجوَّزه الفراء، وأنشد البيت : بتخفيف الميم ؛ إذ لا يمكن استقامةُ الوزن إلا بذلك.
قال بعضهم : هذا خطأ فاحشٌ، وذلك لأن الميم بقية " أمَّنَا " - على رأي الفراء - فكيف يجوزه الفراء ؟ وأجاب عن البيت بأن الرواية ليست كذلك، بل الرواية :[ مخلّع البسيط ]