..................................... يَسْمَعُهَا لاَهُهُ الْكُبَارُ
قال شهابُ الدينِ :" وهذا لا يعارِض الرواية الأخرى ؛ فإنه كما صحّت هذه صحت تلك ".
ورد الزّجّاج مذهب الفراء بأنه لو كان الأصل : يا الله آمَّنا للفْظِ به مُنَبِّهاً على الأصل، كما قالوا - في وَيلمِّهِ - : وَيْلٌ لأمِّهِ.
وردوا مذهب الفراءِ - أيضاً - بأنه يلزم منه جواز أن تقول : يا اللهم، ولما لم يَجُزْ ذلك علمنا فساد قولِ الفراءِ، بل نقول : كان يجب أن يكون حرف النداء لازماً، كما يقال : يا الله اغفر لي، وأجاب الفراء عن قول الزَّجَّاجِ بأن أصله - عندنا - أن يقال : يا الله أمَّنا - ومن يُنْكِر جوازَ التكلم بذلك- ؟ وأيضاً فلأن كثيراً من الألفاظ لا يجوز فيها إقامةُ الفرع مُقامَ الأصل، ألا ترى أنَّ مذهب الخليل وسيبويه أن " ما أكرمه " معناه : شيء أكرمه، ثم إنه - قط - لا يُسْتَعْمَل هذا الكلام - الذي زعموا أنه هو الأصل - في معرض التعجُّب، فكذا هنا.
وأجاب عن الرد الثاني بقوله : مَن الذي يُسَلِّم لكم أنه لا يجوز أن يقال : يا اللهمَّ، وأنشد قول الراجز المتقدم يا اللّهمّ، وقول البصريين : هذا الشعر غير معروف، فحاصله تكذيب النقل، ولو فتحنا هذا البابَ لم يَبْقَ من اللغة والنحو شيءٌ سَلِيماً من الطعن.
وقولهم : كان يلزم ذكر حرف النداء، فقد يُحْذَف حرف النداءِ، كقوله :﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق ﴾ [ يوسف : ٤٦ ] فلا يبعد أن يُخَصَّ هذا الاسم بالتزام الحذف.
واحتج الفراء على فساد قول البصريين بوجوه :
أحدها : أنا لو جعلنا الميم قائماً مقام حرف النداء، لكنا قد أجزنا تأخير حرف النداء عن ذكر المنادى فيقال : الله يا، وهذا لا يجوز ألبتة.
ثانيها : لو كان هذا الحرف قائماً مقام النداء لجاز مثلُه في سائر الأسماءِ، فيقال : زيدُمَّ، وبكرُمَّ كما يجوز يا زيد، يا بَكر.


الصفحة التالية
Icon