وقال العلامة أبو حيان :
﴿ فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ﴾ هذا تعجيب من حالهم، واستعظام لعظم مقالتهم حين اختلفت مطامعهم، وظهر كذب دعواهم، إذ صاروا إلى عذاب ما لهم حيلة في دفعه، كما قال تعالى :﴿ تلك أمانيهم ﴾ هذا الكلام يقال عند التعظيم لحال الشيء، فكيف إذا توفتهم الملائكة ؟ وقال الشاعر :
فكيف بنفس، كلما قلت : أشرفت...
على البرء من دهماء، هيض اندمالها
وقال :
فكيف ؟ وكلٌّ ليس يعدو حمامه...
وما لامرىء عما قضى الله مرحلُ
وانتصاب : فكيف، قيل على الحال، والتقدير : كيف يصنعون ؟ وقدره الحوفي : كيف يكون حالهم ؟ فإن أراد كان التامة كانت في موضع نصب على الحال، وإن كانت الناقصة كانت في موضع نصب على خبر كان، والأجود أن تكون في موضع رفع خبر لمبتدأ محذوف يدل عليه المعنى : التقدير : كيف حالهم ؟ والعامل في : إذا، ذلك الفعل الذي قدره، والعامل في : كيف، إذا كانت خبراً عن المبتدأ إن قلنا إن انتصابها انتصاب الظروف، وإن قلنا إنها اسم غير ظرف، فيكون العامل في : إذا، المبتدأ الذي قدرناه، أي : فكيف حالهم في ذلك الوقت ؟ وهذا الاستفهام لا يحتاج إلى جواب، وكذا أكثر استفهامات القرآن، لأنها من عالم الشهادة، وإنما استفهامه تعالى تقريع.
واللام، تتعلق : بجمعناهم، والمعنى : لقضاء يوم وجزائه كقوله :
﴿ إنك جامع الناس ليوم ﴾ قال النقاش : اليوم، هنا الوقت، وكذلك :﴿ أياماً معدودات ﴾ و﴿ في يومين ﴾ و﴿ في أربعة أيام ﴾ إنما هي عبارة عن أوقات، فإنما الأيام والليالي عندنا في الدنيا.
وقال ابن عطية : الصحيح في يوم القيامة أنه يوم، لأنه قبله ليلة وفيه شمس.
ومعنى :﴿ لا ريب فيه ﴾ أي في نفس الأمر، أو عند المؤمن، أو عند المخبر عنه، أو حين يجمعهم فيه، أو معناه : الأمر خمسة أقوال. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٤٣٥﴾


الصفحة التالية
Icon