قال شهاب الدين :" وقد يجاب عن قوله : إن " مِنَ اللهِ " لا يكون خبراً ؛ لعدم الاستقلال بأن في الكلام حذفَ مضافٍ، تقديره : فليس من أولياء اللهِ " لا يكون خبراً ؛ لعدم الاستقلال بأن في الكلام حذفَ مضافٍ، تقديره : فليس من أولياء اللهِ ؛ لأن اتخاذَ الكفار أولياء ينافي ولاية الله - تعالى -، وكذا قول ابن عطية : فليس من التقرُّب، أي : من أهل التقرب، وحينئذٍ يكون التنظير بين الآية، والحديث، وبيت النابغة مستقيماً بالنسبة إلى ما ذكر، ونظير تقديرِ المضافِ هنا - قوله :﴿ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾ [ إبراهيم : ٣٦ ]، أي : من أشياعي وأتباعي، وكذا قوله :﴿ وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مني ﴾ [ البقرة : ٢٤٩ ] أي : من أشياعي وقول العرب : أنت مني فرسخين، أي : من أشياعي ما سرنا فرسخين، ويجوز أن يكون " مِنَ اللهِ " هو خبر " ليس " و" فِي شيءٍ " يكون حالاً منالضمير في " لَيْسَ " - كما ذهب إليه ابن عطية تصريحاً، وغيره إيماءً، وتقدم الاعتراض عليهما والجواب ".
قوله :﴿ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ ﴾ هذا استثناء مُفَرَّغ من المفعول من أجله، والعامل فيه " لا يَتَّخِذْ " أي : لا يتخذ المؤمنُ الكافرَ وليًّا لشيء من الأشياء إلا للتقيةِ ظاهراً، أي : يكون مواليه في الظاهر، ومعاديه في الباطن، وعلى هذا فقوله :﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلك ﴾ وجوابه معترضٌ بين العلةِ ومعلولِها وفي قوله :﴿ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ ﴾ التفات من غيبةٍ إلى خطابٍ، ولو جرى على سنن الكلامِ الأول لجاء الكلام غيبة، وذكروا للالتفات - هنا - معنى حسناً، وذلك أن موالاةَ الكفارِ لما كانت مستقبحةً لم يواجه الله - تعالى - عباده بخطاب النهي، بل جاء به في كلام أسْندَ الفعل المنهي عنه لغيب، ولما كانت المجاملة - في الظاهر - والمحاسنة جائزة لعذرٍ - وهو اتقاء شرهم - حَسُنَ الإقبال إليهم، وخطابهم برفع الحرج عنهم في ذلك.