وقد تقدم تحقيق ذلك أول البقرة.
الثاني : أنها منصوبة على المفعول به، وذلك على أن " تَتَّقُوا " بمعنى تخافوا، وتكون " تُقَاةً " مصدراً واقعاً موقعَ المفعول به، وهو ظاهر قول الزمخشريِّ، فإنه قال :" إلا أن تَخَافُوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه ".
وقُرِئَ " تَقِيَّةً " وقيل - للمتقى- : تُقَاة، وتقية، كقولهم : ضَرْب الأمير - لمضروبه فصار تقديرُ الكلامِ : إلا أن تخافوا منهم أمْراً مُتَّقًى.
الثالث : أنها منصوبةٌ على الحال، وصاحب الحال فاعل " تَتَّقُوا " وعلى هذا تكون حالاً مؤكدةً لأن معناه مفهوم من عاملها، كقوله :﴿ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ﴾ [ مريم : ٣٣ ]، وقوله :﴿ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ ﴾ [ البقرة : ٦٠ ] وهو - على هذا - جمع فاعل، - وإن لم يُلْفَظْ بـ " فاعل " من هذه المادة - فيكون فاعلاً وفُعَلَة، نحو : رَامٍ ورُمَاة، وغَازٍ وغُزَاة، لأن " فُعَلَة " يطَّرد جمعاً لِ " فاعل " الوصف، المعتل اللام.
وقيل : بل لعله جمع لـ " فَعِيل " أجاز ذلك كلَّه أبو علي الفارسي.
قال شهاب الدينِ :" جمع فعيل على " فُعَلَة " لا يجوز، فإن " فَعِيلاً " الوصف المعتل اللام يجمع على " أفعلاء " نحو : غَنِيّ وأغنياء، وتَقِيّ وأتقياء، وصَفِيّ وأصفياء.
فإن قيل : قد جاء " فعيل " الوصف مجموعاً على " فَُلَة " قالوا : كَمِيّ وكُمَاة.
فالجواب : أنه من النادر، بحيثُ لا يُقاس عليه ".