وهكذا يجب أن نضم التكليف للنعم، فتصبح النعم هي " نعم الإيجاد "، و " الإمداد "، و " التكليف "، فإن أحببت الله للإيجاد والإمداد، فهذا يقتضي أن تحبه أيضا للتكليف، ودليل صدق الحب هو قيام العبد بالتكليف، وما دمت أنت قد عبرت عن صدق عواطفك بحبك لله، فلا بد أن يحبك الله، وكل منا يعرف أن حبه لله لا يقدم ولا يؤخر، لكن حب الله لك يقدم ويؤخر.
إن قول الحق سبحانه وتعالى فيما يعلّمه لرسول الله ليقول لهم :﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ أي أن الرسول ﷺ المرسل من عند الله جاء بكل ما أنزله الله ولم يكتم شيئا مما أُمِرَ بتبليغه، فلا يستقيم أن يضع أحد تفريقا بين رسول الله وبين الله، لأن الرسول ﷺ مبلغ عن الله كل ما أنزل عليه.
وبعد ذلك يقول الحق :﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ إن مسألة ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ هذه تتضمن ما تسميه القوانين البشرية بالأثر الرجعي، فمن لم يكن في باله هذا الأمر ؛ وهو حب الله، واتباع الرسول ﷺ، فعليه أن يعرف أن عليه مسئولية أن يبدأ في هذه المسألة فورا ويتبع الرسول ﷺ وينفذ التكليف الإيماني، وسيغفر له الله ما قد سبق، وأي ذنوب يغفرها الله هنا ؟ إنها الذنوب التي فر منها بعض العباد عن اتباع الرسول، فجاء الرسول ﷺ بالحكم فيها.