رجل مشرك كان ذا جراءة ونجدة ففرح أصحاب النبي ﷺ حين رأوه فقال له النبي ﷺ :" ارجع فلن أستعين بمشرك " فمنسوخ بأن النبي ﷺ استعان بيهود بني قينقاع ورضخ لهم واستعان بصفوان بن أمية في هوازن، وذكر بعضهم جواز الاستعانة بشرط الحاجة والوثوق أما بدونهما فلا تجوز وعلى ذلك يحمل خبر عائشة، وكذا ما رواه الضحاك عن ابن عباس في سبب النزول وبه يحصل الجمع بين أدلة المنع وأدلة الجواز على أن بعض المحققين ذكر أن الاستعانة المنهي عنها إنما هي استعانة الذليل بالعزيز وأما إذا كانت من باب استعانة العزيز بالذليل فقد أذن لنا بها، ومن ذلك اتخاذ الكفار عبيداً وخدماً ونكاح الكتابيات منهم وهو كلام حسن كما لا يخفى.
ومن الناس من استدل بالآية على أنه لا يجوز جعلهم عمالاً ولا استخدامهم في أمور الديوان وغيره وكذا أدخلوا في الموالاة المنهى عنها السلام والتعظيم والدعاء بالكنية والتوقير بالمجالس، وفي "فتاوى العلامة ابن حجر" جواز القيام في المجلس لأهل الذمة وعد ذلك من باب البر والإحسان المأذون به في قوله تعالى :﴿ لاَّ ينهاكم الله عَنِ الذين لَمْ يقاتلوكم فِى الدين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دياركم أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ الله يحب المقسطين ﴾ [ الممتحنة : ٨ ] ولعل الصحيح أن كل ما عده العرف تعظيماً وحسبه المسلمون موالاة فهو منهي عنه ولو مع أهل الذمة لا سيما إذا أوقع شيئاً في قلوب ضعفاء المؤمنين ولا أرى القيام لأهل الذمة في المجلس إلا من الأمور المحظورة لأن دلالته على التعظيم قوية وجعله من الإحسان لا أراه من الإحسان كما لا يخفي. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١١٩ ـ ١٢٠﴾


الصفحة التالية
Icon