الحسن في الرجل يقال له : اسجد لصنم وإلا قتلناك، قال، إن كان الصنم مقابل القبلة فليسجد يجعل نيته لله، فإن كان إلى غير القبلة فلا وإن قتلوه، قال ابن حبيب : وهذا قول حسن.
قال القاضي : وما يمنعه أن يجعل نيته لله وإن كان لغير قلبه، وفي كتاب الله ﴿ فأين ما تولوا فثم وجه الله ﴾ [ البقرة : ١١٥ ] وفي الشرع إباحة التنفل للمسافر إلى غير القبلة، هذه قواعد مسألة التقية، وأما تشعب مسائلها فكثير لا يقتضي الإيجاز جمعه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٤٢٠﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن للتقية أحكاماً كثيرة ونحن نذكر بعضها.
الحكم الأول : أن التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار، ويخاف منهم على نفسه وماله فيداريهم باللسان، وذلك بأن لا يظهر العداوة باللسان، بل يجوز أيضاً أن يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة، ولكن بشرط أن يضمر خلافه، وأن يعرض في كل ما يقول، فإن التقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب.
الحكم الثاني للتقية : هو أنه لو أفصح بالإيمان والحق حيث يجوز له التقية كان ذلك أفضل، ودليله ما ذكرناه في قصة مسيلمة.
الحكم الثالث للتقية : أنها إنما تجوز فيما يتعلق بإظهار الموالاة والمعاداة، وقد تجوز أيضاً فيما يتعلق بإظهار الدين فأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنا وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات واطلاع الكفار على عورات المسلمين، فذلك غير جائز ألبتة.
الحكم الرابع : ظاهر الآية يدل أن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين إلا أن مذهب الشافعي رضي الله عنه أن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلت التقية محاماة على النفس.