ولما كان ذو العلم لا يكمل إلا بالقدرة، وكان يلزم من تمام العلم شمول القدرة - كما سيأتي إن شاء الله تعالى برهانه في سورة طه - كان التقدير : فالله بكل شيء عليم، فعطف عليه قوله :﴿والله﴾ أي بما له من صفات الكمال ﴿على كل شيء قدير﴾ ومن نمط ذلك قوله سبحانه وتعالى :﴿إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء﴾ [ آل عمران : ٥ ] مع ذكر التصوير كيف يشاء والختم بوصفي العزة والحكمة، وقد دل سبحانه وتعالى بالتفرد بصفتي العلم والقدرة على التفرد بالألوهية. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٩ ـ ٦٠﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما نهى المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء ظاهراً وباطناً واستثنى عنه التقية في الظاهر أتبع ذلك بالوعيد على أن يصير الباطن موافقاً للظاهر في وقت التقية، وذلك لأن من أقدم عند التقية على إظهار الموالاة، فقد يصير إقدامه على ذلك الفعل بحسب الظاهر سبباً لحصول تلك الموالاة في الباطن، فلا جرم بيّن تعالى أنه عالم بالبواطن كعلمه بالظواهر، فيعلم العبد أنه لا بد أن يجازيه على كل ما عزم عليه في قلبه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣﴾
قال أبو حيان :
المفهوم أن الباري تعالى مطلع على ما في الضمائر، لا يتفاوت علمه تعالى بخفاياها، وهو مرتب على ما فيها الثواب والعقاب إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
وفي ذلك تأكيد لعدم الموالاة، وتحذير من ذلك. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٤٤٤﴾
أسئلة وأجوبة
السؤال الأول : هذه الآية جملة شرطية فقوله ﴿إِن تُخْفُواْ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ﴾ شرط وقوله ﴿يَعْلَمْهُ الله﴾ جزاء ولا شك أن الجزاء مترتب على الشرط متأخر عنه، فهذا يقتضي حدوث علم الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon