قال أبو حيّان :" وأبعد الزمخشري في عوده على " اليوم " ؛ لأن أحد القسمين اللذين أحْضِروا له في ذلك اليوم هو الخير الذي عمله، ولا يطلب تباعد وقت إحضار الخير، إلا بتجوُّز إذا كان يشتمل على الخير والشر، فتود تباعده ؛ لتسلم من الشرِّ، ودعه لا يحصل له الخير. والأولى عوده على ﴿ وَمَا عَمِلَتْ مِن سواء ﴾ ؛ لأنه أقربُ مذكورٍ ؛ ولأن المعنى أن السوء تَتَمَنَّى في ذلك اليوم التباعُدَ منه ".
فإن قيل : هل يجوز أن تكون " ما " هذه شرطية ؟
فالجواب : أن الزمخشريَّ، وابن عطية مَنَعَا من ذلك، وَجَعَلا علة المنع عدم جزم الفعل الواقع جواباً، وهو " تَوَدُّ ".
قال شهاب الدينِ :" وهذا ليس بشيءٍ ؛ لأنهم نَصُّوا على أنه إذا وقع فعلُ الشرطِ ماضياً، والجزاء مضارعاً جاز في ذلك المضارع وجهان - الجزم والرفع - وقد سُمِعَا من لسان العرب، ومنه بيت زُهَيْر :[ البسيط ]
وَإنْ أتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْألةٍ... يَقُولُ : لاَ غَائِبٌ مَالِي وَلاَ حَرمُ
ومن الجزم قوله تعالى ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ ﴾ [ هود : ١٥ ]، وقوله :﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ ﴾ [ الشورى : ٢٠ ]، وقوله :﴿ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾ [ الشورى : ٢٠ ] فدل ذلك على أن المانع من شرطيتها ليس هو رَفْعَ تَودُّ ".


الصفحة التالية
Icon