قرأ عاصم وحمزة والكسائي ( وكفلها ) بالتشديد، ثم اختلفوا في زكريا فقرأ عاصم بالمد، وقرأ حمزة والكسائي بالقصر على معنى ضمها الله تعالى إلى زكريا، فمن قرأ ( زكرياء ) بالمد أظهر النصب ومن قرأ بالقصر كان في محل النصب والباقون قرأوا بالمد والرفع على معنى ضمها زكرياء إلى نفسه، وهو الاختيار، لأن هذا مناسب لقوله تعالى :﴿أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ وعليه الأكثر، وعن ابن كثير في رواية ﴿كفلها﴾ بكسر الفاء، وأما القصر والمد في زكريا فهما لغتان، كالهيجاء والهيجا، وقرأ مجاهد ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا وَأَنبَتَهَا وَكَفَّلَهَا﴾ على لفظ الأمر في الأفعال الثلاثة، ونصب ﴿رَبُّهَا﴾ كأنها كانت تدعو الله فقالت : اقبلها يا ربها، وأنبتها يا ربها، واجعل زكريا كافلاً لها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٢٦﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾
عد هذا في فضائل مريم، لأنه من جملة ما يزيد فضلها لأن أبا التربة يكسب خلقه وصلاحه مرباه.
وزكريا كاهن إسرائيلي اسمه زكريا من بني أبيا بن باكر بن بنيامين من كهنة اليهود، جاءته النبوءة في كبره وهو ثاني من اسمه زكريا من أنبياء بني إسرائيل وكان متزوجا امرأة من ذرية هارون اسمها اليصابات وكانت امرأته نسيبة مريم كما في إنجيل لوقا قيل : كانت أختها والصحيح أنها كانت خالتها، أو من قرابة أمها، ولما ولدت مريم كان أبوها قد مات فتنازع كفالتها جماعة من أحبار بني إسرائيل حرصا على كفالة بنت حبرهم الكبير، واقترعوا على ذلك كما يأتي، فطارت القرعة لزكريا، والظاهر أن جعل كفالتها للأحبار لأنها محررة لخدمة المسجد فيلزم أن تربى تربية صالحة لذلك. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٨٨﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المحراب ﴾ " المحراب " فيه وجهان :