وأجاز أبو البقاء أن يكون حالاً من " رِزْقاً " ؛ لأنه يصلح أن يكون صفة له في الأصل، وعلى هذا فيتعلق بمحذوف، ف " وجد " هو الناصب لِ " كُلَّمَا " لأنها ظرفية، وأبو البقاء سمَّاه جوابها ؛ لأنها عنده الشرط كما سيأتي.
قوله :﴿ قَالَ يامريم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه مستأنف، قال ابو البقاء :" ولا يجوز أن يكون بدلاً من " وَجَدَ " ؛ لأنه ليس بمعناه ".
الثاني : أنه معطوف بالفاء، فحذف العاطف، قال أبو البقاء :" كما حذفت في جواب الشرط في قوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٢١ ]، وكذلك قول الشاعر :[ البسيط ]
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا.................................
وهذا الموضع يشبه جوابَ الشرط، لأن " كُلَّمَا " تشبه الشرط في اقتضائها الجواب.
قال شهاب الدين : وهذا - الذي قاله - فيه نظر من حيث إنه تخيَّل أن قوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ ﴾ أن جوابَ الشرط هو نفس ﴿ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ حُذِفَتْ منه الفاء، وليس كذلك، بل جواب الشرط محذوف، و- ﴿ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ جواب قسم مقدر قبل الشرط وقد تقدم تحقيق هذه المسألة، وليس هذا مما حُذِفَتْ منه فاء الجزاء ألبتة، وكيف يَدَّعِي ذلك، ويُشَبِّهه بالبيت المذكور، وهو لا يجوز إلا في ضرورة ؟
ثم الذي يظهر أن الجملةَ من قوله :" وَجَدَ " في محل نصب على الحال من فاعل " دَخَلَ " ويكون جواب " كُلَّمَا " هو نفس " قَالَ " والتقدير : كلما دخل عليها زكريا المحراب واجداً عندَها الرزق.
قال : وهذا بَيِّن.
ونكر " رِزْقاً " تعظيماً، أو ليدل به على نوع " ما ".
قوله :﴿ أنى لَكِ هذا ﴾ " أنى " خبر مقدم، و" هَذَا " مبتدأ مؤخر ومعنى أنى هذا : من أين ؟ كذا فسَّره أبو عبيدة.
قيل : ويجوز أن يكون سؤالاً عن الكيفية، أي : كيف تَهَيأ لكِ هذا ؟
قال الكميت :[ المنسرح ]