من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ﴾ قصة مستقلة سيقت في أثناء قصة مريم لكمال الارتباط مع ما في إيرادها من تقرير ما سيقت له، و( هنا ) ظرف مكان، واللام للبعد، والكاف للخطاب أي في ذلك المكان حيث هو قاعد عند مريم في المحراب، وهي ظرف ملازم للظرفية وقد تجر بمن وإلى ؛ وجوز أن يراد بها الزمان مجازاً فإن ( هنا ) وثم وحيث كثيراً ما تستعار له وهي متعلقة بدعا وتقديم الظرف للإيذان بأنه أقبل على الدعاء من غير تأخير، وقال الزجاج : إن ( هنا ) هنا مستعارة للجهة والحال أي من تلك الحال دعا زكريا كما تقول : من ههنا قلت كذا، ومن هنالك قلت كذا أي من ذلك الوجه وتلك الجهة.
أخرج ابن بشر وابن عساكر عن الحسن قال : لما وجد زكريا عند مريم ثمر الشتاء في الصيف وثمر الصيف في الشتاء يأتيها به جبريل قال لها : أنى لك هذا في غير حينه. قالت : هو رزق من عند الله يأتيني به الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فطمع زكريا في الولد فقال : إن الذي أتى مريم بهذه الفاكهة في غير حينها لقادر على أن يصلح لي زوجتي ويهب لي منها ولداً فعند ذلك دعا ربه وذلك لثلاث ليال بقين من المحرم قام زكريا فاغتسل ثم ابتهل في الدعاء إلى الله تعالى، وقيل : أطمعه في الولد فدعا مع أنه كان شيخاً فانياً وكانت امرأته عاقراً لما أن الحال نبهته على جواز ولادة العاقر من الشيخ من وجوه.
الأول : ما أشار إليه الأثر من حيث إن الولد بمنزلة الثمر والعقر بمنزلة غير أوانه،
والثاني : أنه لما رأى تقبل أنثى مكان الذكر تنبه لأنه يجوز أن يقوم الشيخ مقام الشاب والعاقر مقام الناتج،
والثالث : أنه لما رأى تقبل الطفل مقام الكبير للتحرير تنبه لذلك.