بخلاف الأعلام فإنه لا يجوز أن يقال : جاءت طلحة لأن اسم العلم لا يفيد إلا ذلك الشخص فإذا كان مذكراً لم يجز فيه إلا التذكير. ﴿ إِنَّكَ سَمِيعُ الدعاء ﴾ أراد كثير الإجابة لمن يدعوك من خلقك وهو تعليل لما قبله وتحريك لسلسلة الإجابة، وفي ذلك اقتداء بجده الأعلى إبراهيم عليه السلام إذ قال :﴿ الحمد للَّهِ الذى وَهَبَ لِى عَلَى الكبر إسماعيل وإسحاق إِنَّ رَبّى لَسَمِيعُ الدعاء ﴾ [ إبراهيم : ٣٩ ] قيل : قد ذكر الله تعالى في كيفية دعائه ثلاث صيغ. إحداها : هذه والثانية :﴿ إِنّى وَهَنَ العظم مِنّى ﴾ [ مريم : ٤ ] الخ، والثالثة :﴿ رَبّ لاَ تَذَرْنِى فَرْداً ﴾ [ الأنبياء : ٨٩ ] الخ، فدل على أن الدعاء تكرر منه ثلاث مرات كل مرة بصيغة، ويدل على أن بين الدعاء والإجابة زماناً، ويصرح به ما نقل في بعض الآثار أن بينهما أربعين سنة، وفيه منع ظاهر لجواز أن تكون الصيغ الثلاث حكاية لدعاء واحد مرة على سبيل الإيجاز، وتارة على سبيل الإسهاب، وأخرى على سبيل التوسط، وهذه الحكاية في هذه الضيع إنما هي بالمعنى إذ لم يكن لسانهم عربياً ؛ ولهذا ورد عن الحسن أنه عليه السلام حين دعا قال : يا رازق مريم ثمار الصيف في الشتاء وثمار الشتاء في الصيف ﴿ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً ﴾ ولم يذكر في الدعاء يا رب قيل : ويدل على أنه دعاء واحد متعقب بالتبشير العطف بالفاء في
قوله تعالى :﴿ فَنَادَتْهُ الملائكة ﴾ وفي قوله سبحانه :﴿ فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى ﴾ [ الأنبياء : ٩٠ ] وظاهر قوله جل شأنه في مريم :﴿ إِنَّا نُبَشّرُكَ ﴾ [ مريم : ٧ ] اعتقاب التبشير الدعاء لا تأخره عنه، وأثر إن بين الدعاء والإجابة أربعين سنة لم نجد له أثراً في الصحاح، نعم ربما يشعر بعض الأخبار الموقوفة أن بين الولادة والتبشير مدة كما سنشير إلى ذلك قريباً إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٤٤ ـ ١٤٥﴾


الصفحة التالية
Icon