﴿وسيداً وحصوراً﴾ أي فلا يتزين بزينة لأنه بالغ الحبس لنفسه والتضييق لعيها في المنع من النكاح.
قال في القاموس : والحصور من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك، أو الممنوع منهن، أو من لا يشتهيهن ولا يقربهن، والمجبوب - والهَيوب المحجم عن الشيء.
وقال الحرالي : وهو من الحصر وهو المنع عما شأن الشيء أن يكون مستعملاً فيه - انتهى ﴿ونبياً﴾ ولما كان النبي لا يكون إلا صالحاً لم يعطف بل قال :﴿من الصالحين﴾ إعلاماً بمزية رتبة الصلاح واحترازاً من المتنبيين، فكأنه قيل : فما قال حين أجابه ربه سبحانه وتعالى ؟ فقيل :﴿قال﴾ يستثبت بذلك ما يزيده طمأنينة ويقيناً وسكينة ﴿رب﴾ أي أيها المحسن إلي. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٦ ـ ٧٧﴾
فصل
قال ابن عادل :
قوله :﴿ فَنَادَتْهُ الملائكة ﴾ قرأ الأخوان " فَنَادَاهُ المَلاَئِكَةُ " - من غير تأنيث - والباقون " فَنَادَتْهُ " بتاء التأنيث - باعتبار الجمع المُكَسَّر، فيجوز في الفعل المسند إليه التذكير باعتبار الجمع، والتأنيث باعتبار الجماعة، ولتأنيث لفظ " الملائكة " مع أن المذكور إذا تقدَّم فعلُهم - وهم جماعة - كان التأنيث فيه أحسن ؛ كقوله تعالى :﴿ قَالَتِ الأعراب ﴾ [ الحجرات : ١٤ ]. ومثل هذا ﴿ إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة ﴾ [ الأنفال : ٥٠ ] تُقْرأ بالتاء والياء، وكذا قوله :﴿ تَعْرُجُ الملائكة ﴾ [ المعارج : ٤ ].
قال الزجاج : يلحقها التأنيث للفظ الجماعة، ويجوز أن يُعَبَّر عنها بلفظ التذكير ؛ لأنه - تعالى جمع الملائكة، وهكذا قوله :﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾ [ يوسف : ٣٠ ].
وإنما حَسُنَ الحذفُ - هنا - للفصل بين الفعل وفاعله.
وقد تجرأ بعضُهم على قراءة العامة، فقال :" أكره التأنيثَ ؛ لما فيه من موافقة دَعْوَى الجاهلية ؛ لأن الجاهلية زعمت أن الملائكة إناث ".
روى إبراهيم قال : كان عبد الله بن مسعود يُذَكِّر الملائكةَ في كُلِّ القرآنِ.