والثاني : أن من كان آيساً من الشيء مستبعداً لحصوله ووقوعه إذا اتفق أن حصل له ذلك المقصود فربما صار كالمدهوش من شدة الفرح فيقول : كيف حصل هذا، ومن أين وقع هذا كمن يرى إنساناً وهبه أموالاً عظيمة، يقول كيف وهبت هذه الأموال، ومن أين سمحت نفسك بهبتها ؟ فكذا ههنا لما كان زكريا عليه السلام مستبعداً لذلك، ثم اتفق إجابة الله تعالى إليه، صار من عظم فرحه وسروره قال ذلك الكلام
الثالث : أن الملائكة لما بشّروه بيحيى لم يعلم أنه يرزق الولد من جهة أنثى أو من صلبه، فذكر هذا الكلام لذلك الاحتمال
الرابع : أن العبد إذا كان في غاية الاشتياق إلى شيء فطلبه من السيد، ثم إن السيد يعده بأنه سيعطيه بعد ذلك، فالتذ السائل بسماع ذلك الكلام، فربما أعاد السؤال ليعيد ذلك الجواب فحينئذ يلتذ بسماع تلك الإجابة مرة أخرى، فالسبب في إعادة زكريا هذا الكلام يحتمل أن يكون من هذا الباب
الخامس : نقل سفيان بن عيينة أنه قال : كان دعاؤه قبل البشارة بستين سنة حتى كان قد نسي ذلك السؤال وقت البشارة فلما سمع البشارة زمان الشيخوخة لا جرم استبعد ذلك على مجرى العادة لا شكا في قدرة الله تعالى