فقال ما قال (١)
السادس : نقل عن السدي أن زكريا عليه السلام جاءه الشيطان عند سماع البشارة فقال إن هذا الصوت من الشيطان، وقد سخر منك فاشتبه الأمر على زكريا عليه السلام فقال :﴿رَبّ أنى يَكُونُ لِي غلام﴾ وكان مقصوده من هذا الكلام أن يريه الله تعالى آية تدل على أن ذلك الكلام من الوحي والملائكة لا من إلقاء الشيطان قال القاضي : لا يجوز أن يشتبه كلام الملائكة بكلام الشيطان عند الوحي على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذ لو جوزنا ذلك لارتفع الوثوق عن كل الشرائع ويمكن أن يقال : لما قامت المعجزات على صدق الوحي في كل ما يتعلق بالدين لا جرم حصل الوثوق هناك بأن الوحي من الله تعالى بواسطة الملائكة ولا مدخل للشيطان فيه، أما ما يتعلق بمصالح الدنيا وبالولد فربما لم يتأكد ذلك المعجز فلا جرم بقي احتمال كون ذلك من الشيطان فلا جرم رجع إلى الله تعالى في أن يزيل عن خاطره ذلك الاحتمال. (٢) أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٣٤ ـ ٣٥﴾

___
(١) لا يخفى ما فى هذا الوجه من البعد وبعض هذه الأوجه يحتاج إلى سند. والله أعلم.
(٢) هذا الوجه فيه نظر والأولى عدم التعويل عليه لافتقاره إلى السند الصحيح.
وقد علق الآلوسى على هذا الاعتراض وجوابه بقوله :
وأنت تعلم أن الاعتراض ذكر والجواب أنثى.
ولعل هذا المبحث يأتيك إن شاء الله تعالى مستوفى عند تفسير قوله تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تمنى أَلْقَى الشيطان فِى أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [ الحج : ٥٢ ] الآية. وبالجملة القول باشتباه الأمر على زكريا عليه السلام في غاية البعد لا سيما وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة أنه قال : إن الملائكة شافهته عليه السلام بذلك مشافهة فبشرته بيحيى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٣١﴾. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon