فعدم الكلام مع صحة آلته دليل إيجاد المتكلم مع ضعف آلته إلى حد لا يتكون عنها عادة، ولما كان الأتم في القدرة أن يحبس عن كلام دون آخر قال :﴿واذكر ربك﴾ أي بالحمد وهو أن تثبت له الإحاطة بكل كمال ﴿كثيراًً﴾ في الأيام التي منعت فيها من كلام الناس خصوصاً، وفي سائر أوقاتك عموماً ﴿وسبح﴾ أي أوقع التسبيح لمطلق الخليل ربك بأن تنفي عنه كل نقص ﴿بالعشي﴾ وقال الحرالي : من العشو وأصل معناه : إيقاد نار على علم لمقصد هدى أو قرى ومأوى على حال وهن، فسمي به عشي النهار لأنه وقت فعل ذلك، ويتأكد معناه في العشاء، ومنه سمي الطعام : العشاء ﴿والإبكار﴾ وأصله المبادرة لأول الشيء، ومنه التبكير وهو السرعة، والباكورة وهو أول ما يبدو من الثمر، فالإبكار اقتطاف زهرة النهار وهو أوله - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٨ ـ ٧٩﴾
قال ابن عادل :
قوله :﴿ اجعل لي آيَةً ﴾ يجوز أن يكون الجعل بمعنى التصيير، فيتعدى لاثنين : أولهما " آية "، الثاني : الجار قبله، والتقديم - هنا - واجب ؛ لأنه لا مسوغ للابتداء بهذه النكرة - وهي آية - أي : لو انحلت إلى مبتدأ وخبر إلا تقدم هذا الجار، وحكمها بعد دخول الناسخ حكمها قبله، والتقدير : صير آية من الآيات لي، ويجوز أن يكون بمعنى الخلق والإيجاد - أي : أوجد لي آية - فيتعدى لواحد، وفي " لِي " - على هذا - وجهان :
أحدهما : أن يتعلق بالجَعْل.
والثاني : أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من " آيةً " ؛ لأنه لو تأخَّر لجاز أن يقع صفة لها. ويجوز أن يكون للبيان.
وحرك الياء - بالفتح - نافع وأبو عمرو، وسكنها الباقون. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٢٠٨﴾
فائدة
قال البيضاوى :
﴿ قَالَ رَبِّ اجعل لِّي ءايَةً ﴾ علامة أعرف بها الحبل لاستقبله بالبشاشة والشكر وتزيح مشقة الانتظار. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٢ صـ ٣٧﴾


الصفحة التالية
Icon