وصدّقت بكلمات ربها ولم تسأل آية عندما بُشِّرت كما سأل زكريا ﷺ من الآية ؛ ولذلك سماها الله في تنزيله صِدّيقة فقال :﴿ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ﴾ [ المائدة : ٧٥ ].
وقال :﴿ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبَّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القانتين ﴾ [ التحريم : ١٢ ] فشهد لها بالصدّيقية وشهد لها بالتصديق لكلمات البشرى وشهد لها بالقُنُوت.
وإنما بشر زكريا بغلام فلحظ إلى كبر سنه وعقامة رحم امرأته فقال : أنى يكون لي غلام وامرأتي عاقر ؛ فسأل آية ؛ وبشرت مريم بالغلام فلحظت أنها بِكْرٌ ولم يمسسها بشر فقيل لها :﴿ كذلك قَالَ رَبُّكَ ﴾ [ مريم : ٢١ ] فاقتصرت على ذلك، وصدقت بكلمات ربها ولم تسأل آية ممن يعلم كُنْه هذا الأمر (١)، ومن لأمرأة في جميع نساء العالمين من بنات آدم ما لها من هذه المناقب!.
ولذلك روي أنها سبقت السابقين مع الرسل إلى الجنة ؛ جاء في الخبر عنه ﷺ :" لو أقسمتُ لبرَرْتُ لا يدخل الجنة قبل سابقي أمتي إلا بضعة عشر رجلاً منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى ومريم ابنة عمران " (٢) وقد كان يحِق على من انتحل علم الظاهر
(١) يفهم من هذا الكلام أنها أفضل من زكريا ـ عليه السلام ـ وليس الأمر كذلك فنبوتها محل اختلاف بين العلماء وإن كنا نرجح القول بعدم نبوتها بخلاف زكريا ـ عيه السلام ـ فنبوته محل اتفاق فكيف تفضله مريم ؟ ؟!!!
وقد تقدم أنه طلب من الله آية وعلامة ليتعجل شكر النعمة وهذا شأن المصطفين الأخيار. والله أعلم.
(٢) كيف تسبق السابقين من الرسل ؟ ؟!!!
وأبو بكر رضى الله عنه أفضل منها " ما طلعت الشمس ولا غربت على رجل بعد النبيين أفضل من أبى بكر.