ولما كان ذلك من أمر الإحياء الذي هو من خواص الإلهية وأبطن آيات الملكوتية ربما أورث لبساً في أمر الإله تبرأ منه ورده إلى من هو له، مزيلاً للبس وموضحاً للأمر فقال مكرراً لما قدمه في مثله معبراً بما يدل على عظمه :﴿بإذن الله﴾ أي بعلمه وتمكينه، ثم أتبعه ما هو من جنسه في الإخراج من عالم الغيب إلى عالم الشهادة فقال :﴿وأنبئكم﴾ أي من الأخبار الجليلة من عالم الغيب ﴿بما تأكلون﴾ أي مما لم أشاهده، بل تقطعون بأني كنت غائباً عنه ﴿وما تدخرون﴾ ولما كان مسكن الإنسان أعز البيوت عنده وأخفى لما يريد أن يخفيه قال :﴿في بيوتكم﴾ قال الحرالي : من الادخار : افتعال من الدخرة، قلب حرفاه الدال لتوسط الدال بين تطرفهما في متقابلي حالهما ؛ والدخرة ما اعتنى بالتمسك به عدة لما شأنه أن يحتاج إليه فيه، فما كان لصلاح خاصة الماسك فهو ادخار، وما كانت لتكسب فيما يكون من القوام فهو احتكار - انتهى.
ولما ذكرهذه الخوارق نبه على أمرها بقوله :﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم ﴿لآية لكم﴾ أي أيها المشاهدون على أني عبد الله ومصطفاه، فلا تهلكوا في تكويني من أنثى فقط فتطروني، فإني لم أعمل شيئاً منها إلا ناسباً له إلى الله سبحانه وتعالى وصانعاً فيه ما يؤذن بالحاجة المنافية للإلهية ولو بالدعاء، وأفرد كاف الخطاب أولاً لكون ما عده ظاهراً لكل أحد على انفراده أنه آية لجميع المرسل إليهم، وكذا جمع ثانياً قطعاً لتعنت من قد يقول : إنها لا تدل إلا باجتماع أنظار جميعهم - لو جمع الأول، وإنها ليست آية لكلهم بل لواحد منهم - لو وحد في الثاني، ولما كانت الآيات لا تنفع مع المعاندات قال :﴿إن كنتم مؤمنين﴾ أي مذعنين بأن الله سبحانه وتعالى قادر على ما يريد، وأهلاً لتصديق ما ينبغي التصديق به. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٩٠ ـ ٩٣﴾

فصل


قال الفخر :
في هذه الآية وجوه


الصفحة التالية
Icon