الأول : تقدير الآية : ونعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ونبعثه رسولاً إلى بني إسرائيل، قائلاً ﴿أَنّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مّن رَّبّكُمْ﴾ والحذف حسن إذا لم يفض إلى الاشتباه
الثاني : قال الزجاج : الاختيار عندي أن تقديره : ويكلم الناس رسولاً، وإنما أضمرنا ذلك لقوله ﴿أَنّى قَدْ جِئْتُكُمْ﴾ والمعنى : ويكلمهم رسولاً بأني قد جئتكم،
الثالث : قال الأخفش : إن شئت جعلت الواو زائدة، والتقدير : ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة، والإنجيل رسولاً إلى بني إسرائيل، قائلاً : أني قد جئتكم بآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٤٨﴾
وقال ابن عادل :
قوله :﴿ وَرَسُولاً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن صفة - بمعنى مُرْسَل - على " فَعُول " كالصَّبور والشَّكُور.
والثاني : أنه - في الأصل - مصدر، ومن مَجِيء " رسول " مصدراً قوله :[ الطويل ]
لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحتُ عِنْدَهُمْ... يِسِرِّ وَلاَ أرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ
وقال آخر :[ الوافر ]
ألاَ أبْلِغْ أبَا عَمْرٍو رَسُولاً... بِأنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ
أي أبلغه رسالة.
ومنه قوله تعالى :" إنَّا رسُولُ رَبِّ العالمين " - على أحد التأويلين - أي : إنا ذوا رسالةِ ربِّ العالمينَ. وعلى الوجهين يترتب الكلامُ في إعراب " رَسُولاً "، فعلى الأول يكون في نصبه ستة أوجهٍ :
أحدها : أن يكون معطوفاً على " يُعَلِّمُهُ " - إذا أعربناه حالاً معطوفاً على " وَجِيهاً " - إذ التقدير وجيهاً ومُعَلَّماً ومُرْسَلاً.
قاله الزمخشريُّ وابنُ عطيةَ.
وقال أبو حيّان :" وقد بيَّنا ضَعْفَ إعرابِ مَنْ يقول : إن " وَيُعَلِّمُهُ " معطوف على " وَجِيهاً " ؛ للفصل المُفْرِط بين المتعاطفَيْن [ وهو مبني على إعراب " ويعلمه " ] ".