قال بعض المتكلمين : الآية تدل على أن الروح جسم رقيق كالريح، ولذلك وصفها بالفتح، ثم ههنا بحث، وهو أنه هل يجوز أن يقال : إنه تعالى أودع في نفس عيسى عليه السلام خاصية، بحيث متى نفخ في شيء كان نفخه فيه موجباً لصيرورة ذلك الشيء حياً، أو يقال : ليس الأمر كذلك بل الله تعالى كان يخلق الحياة في ذلك الجسم بقدرته عند نفخة عيسى عليه السلام فيه على سبيل إظهار المعجزات، وهذا الثاني هو الحق لقوله تعالى :﴿الذى خَلَقَ الموت والحياة﴾ [ الملك : ٢ ] وحكي عن إبراهيم عليه السلام أنه قال في مناظرته مع الملك ﴿رَبّيَ الذى يُحْىِ وَيُمِيتُ﴾ [ البقرة : ٢٥٨ ] فلو حصل لغيره، هذه الصفة لبطل ذلك الاستدلال. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٥٠﴾
فائدة
قال الفخر :
القرآن دلّ على أنه عليه الصلاة والسلام إنما تولد من نفخ جبريل عليه السلام في مريم وجبريل ﷺ روح محض وروحاني محض فلا جرم كانت نفخة عيسى عليه السلام للحياة والروح. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٥٠﴾
قوله تعالى ﴿بِإِذُنِ الله﴾
قال الفخر :
قوله ﴿بِإِذُنِ الله﴾ معناه بتكوين الله تعالى وتخليقه لقوله تعالى :﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ [ آل عمران : ١٤٥ ] أي إلا بأن يوجد الله الموت، وإنما ذكر عيسى عليه السلام هذا القيد إزالة للشبهة، وتنبيهاً على إني أعمل هذا التصوير، فأما خلق الحياة فهو من الله تعالى على سبيل إظهار المعجزات على يد الرسل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٥٠﴾
لطيفة
قال الزمخشرى :
وكرر ﴿ بِإِذُنِ الله ﴾ دفعاً لوهم من توهم فيه اللاهوتية. أ هـ ﴿الكشاف حـ ١ صـ ٣٦٤﴾


الصفحة التالية
Icon