وذلك من الله عز وجل، وإن كان خطابًا لنبيه ﷺ، فتوبيخٌ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين. يقول : كيف يشكّ أهل الكفر بك منهم وأنت تنبئهم هذه الأنباءَ ولم تشهدْها، ولم تكن معهم يوم فعلوا هذه الأمورَ، ولست ممن قرأ الكتب فعَلِم نبأهم، ولا جالَس أهلها فسمع خبَرَهم ؟ أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٦ صـ ٤١٠﴾
فصل
قال القرطبى :
استدل بعض علمائنا بهذه الآية على إثبات القُرْعة، وهي أصل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة، وهي سنة عند جمهور الفقهاء في المستويين في الحجة ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم وترتفع الظِّنة عمن يتولى قسمتهم، ولا يفضل أحد منهم على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد اتباعا للكتاب والسنَّة.
وردّ العملَ بالقُرْعة أبو حنيفة وأصحابه، وردّوا الأحاديث الواردة فيها، وزعموا أنها لا معنى لها وأنها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها.
وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة أنه جوّزها وقال : القرعة في القياس لا تستقيم، ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالآثار والسنّة.
قال أبو عبيد : وقد عمِل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء : يونس وزكريا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن المنذر.
واستعمال القرعة كالإجماع من أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء، فلا معنى لقول من ردّها.
وقد ترجم البخاريّ في آخر كتاب الشهادات ( باب القُرْعةِ في المشكِلات وقولِ الله عز وجل ﴿ إذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ ﴾ ) وساق حديث النعمان بن بشير :" مثل القائم على حدود الله والمُدْهِن فيها مثل قوم استهموا على سفينة " الحديثَ.