ولما وصفه بهذا الوصف الشريف ذكر اسمه فقال ﴿عيسى﴾ وبين أنه يكون منها وحدها من غير ذكر بقوله موضع ابنك :﴿ابن مريم﴾ وذلك أنفى لما ضل به من ضل في أمره، وأوضح في تقرير مقصود السورة وفي تفخيم هذا الذكر بجعله نفس الكلمة وبإبهامه أولاً ثم تفسيره، وقوله :﴿اسمه﴾ تعظيم لقدره وبيان لفضله على يحيى عليهما السلام حيث لم يجعل له في البشارة به مثل هذا الذكر، ثم أتم لها البشارة بأوصاف جعلها أحوالاً دالة على أنه يظهر اتصافه بها حال الولادة تحقيقاً لظهور أثر الكلمة عليه فقال :﴿وجيهاً﴾ قال الحرالي : صيغة مبالغة مما منه الوجاهة، وأصل معناه الوجه وهو الملاحظ المحترم بعلو ظاهر فيه - انتهى.
﴿في الدنيا﴾ ولما كان ذلك قد لا يلازم الوجاهة بعد الموت قال :﴿والآخرة﴾ ولما كانت الوجاهة ثمَّ مختلفة ذكر أعلاها عاطفاً بالواو إشارة إلى تمكنه في الصفات فقال :﴿ومن المقربين﴾ أي عند الله. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٨٨ ـ ٨٩﴾
فصل
قال ابن عادل :
قوله تعالى :﴿ إِذْ قَالَتِ الملائكة ﴾ في هذا الظرف أوجهٌ :
أحدها : أن يكون منتصباً بـ " يَخْتَصِمُونَ ".
الثاني : أنه بدل من " إذْ يَخْتَصِمُونَ " وهو قول الزجاج.
وفي هذين الوجهين بُعْدٌ ؛ حيث يلزم اتحاد زمان الاختصام، وزمانِ قَوْل الكلام، ولم يكن ذلك ؛ لأن وقت الاختصام كان صغيراً جِدًّا، ووقت قولِ الملائكةِ بعد ذلك بأحْيَانٍ.
قال الحسنُ : إنها كانت عاقلة في حال الصِّغَرِ، وإن ذلك كان من كراماتها. فإن صحَّ ذلك صحَّ الاتحاد، وقد استشعر الزمخشريُّ هذا السؤال، فأجاب بأن الاختصام والبشارة وقَعَا في زمان واسعٍ، كما تقول : لقيته سنةَ كذا، يعني أن اللقاءَ إنما يقع في بعض السنة فكذا هذا.
الثالث : أن يكون بدلاً من ﴿ إِذْ قَالَتِ الملائكة ﴾ - أولاً - وبه بدأ الزمخشريُّ - كالمختار له - وفيه بعد لكثرة الفاصل بين البدلَ والمبدل منه.
الرابع : نصبه بإضمار فعل.