الخامس : قال أبو عبيدة :" إذْ - هنا - صلة زائدة ". والمراد بالملائكة هنا : جبريل عليه السلام لما قررناه وقد تقدم الكلام في البشارة. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٢٢١﴾
قوله تعالى :﴿بِكَلِمَةٍ مّنْهُ﴾
قال الفخر :
وأما قوله تعالى :﴿بِكَلِمَةٍ مّنْهُ﴾ فقد ذكرنا تفسير الكلمة من وجوه وأليقها بهذا الموضع وجهان
الأول : أن كل علوق وإن كان مخلوقاً بواسطة الكلمة وهي قوله ﴿كُنَّ﴾ إلا أن ما هو السبب المتعارف كان مفقوداً في حق عيسى عليه السلام وهو الأب، فلا جرم كان إضافة حدوثه إلى الكلمة أكل وأتم فجعل بهذا التأويل كأنه نفس الكلمة كما أن من غلب عليه الجود والكرم والإقبال يقال فيه على سبيل المبالغة إنه نفس الجود، ومحض الكرم، وصريح الإقبال، فكذا ههنا.
والوجه الثاني : أن السلطان العادل قد يوصف بأنه ظل الله في أرضه، وبأنه نور الله لما أنه سبب لظهور ظل العدل، ونور الإحسان، فكذلك كان عيسى عليه السلام سبباً لظهور كلام الله عزّ وجلّ بسبب كثرة بياناته وإزالة الشبهات والتحريفات عنه فلا يبعد أن يسمى بكلمة الله تعالى على هذا التأويل.
فإن قيل : ولم قلتم إن حدوث الشخص من غير نطفة الأب ممكن قلنا : أما على أصول المسلمين فالأمر فيه ظاهر ويدل عليه وجهان
الأول : أن تركيب الأجسام وتأليفها على وجه يحصل فيها الحياة والفهم، والنطق أمر ممكن، وثبت أنه تعالى قادر على الممكنات بأسرها، وكان سبحانه وتعالى قادراً على إيجاد الشخص، لا من نطفة الأب، وإذا ثبت الإمكان، ثم إن المعجز قام على صدق النبي، فوجب أن يكون صادقاً، ثم أخبر عن وقوع ذلك الممكن، والصادق إذا أخبر عن وقوع الممكن وجب القطع بكونه كذلك، فثبت صحة ما ذكرناه


الصفحة التالية
Icon