الخامس : أن يكون ﴿ ولأُحِلَّ لَكُمْ ﴾ رداً على قوله :" بِآيةٍ ". قال الزمخشريُّ :﴿ وَلأُحِلَّ ﴾ رَدٌّ على قوله ﴿ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ أي : جئتكم بآية من ربكم ولأحلَّ.
قال أبو حيان :" ولا يستقيم أن يكون ﴿ وَلأُحِلَّ لَكُم ﴾ رداَّ على " بآيَةٍ "، لأن " بِآيَةٍ " في موضع حال و" لأحل " تعليل، ولا يَصِحُّ عطف التعليل على الحال ؛ لأن العطف بالحرف المشرك في الحكم يوجب التشريك في جنس المعطوفِ عليه، فإن عطفت على مصدر، أو مفعولٍ به، أو ظرفٍ، أو حالٍ، أو تعليل وغير ذلك شارَكه في ذلك المعطوف ".
قال شهاب الدين : ويحتمل أن يكون جوابه ما تقدم من أنه أراد رداً على " بآية " من حيث دلالتها على عمل مقدر.
قوله :﴿ بَعْضَ الذي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ المراد بـ " بَعْض " مدلوله في الأصل.
قال أبو عبيدة : إنها - هنا - بمعنى " كل ".
مستدلاًّ بقول لَبِيد :[ الكامل ]
تَرَّاكُ أمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أرْضَهَا... أوْ يَعْتَلِقُ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
يعني كلّ النفوس.
وقد يرد الناسُ عليه بأنه كان يَلْزَمُ أن يُحِلَّ لهم الزنا، والسرقةَ، والقَتْلَ ؛ لأنها كانت محرَّمةً عليهم، فلو كان المعنى : ولأحِلَّ لكم كُلَّ الذي حُرِّم عليكم لأحلَّ لهم ذلك كلَّه.
واستدل بعضهم على أن " بَعْضاً " بمعنى " كُلّ " بقول الآخر :[ الطويل ]
أبَا مُنْذِرٍ أفْنَيْتَ فَاسْتَبْقِ بَعْضَنَا... حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
أي : أهون من كل شر.
واستدل آخرون بقول الشَّاعِر :[ البسيط ]
إنَّ الأمُورَ إذَا الأحْدَاثُ دَبَّرَهَا... دُونَ الشُّيُوخِ تَرَى فِي بَعْضِهَا خَلَلاَ


الصفحة التالية
Icon