وقال الآلوسى :
﴿ رَبَّنَا ءامَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ ﴾ عرض لحالهم عليه تعالى بعد عرضها على رسوله استمطاراً لسحائب إجابة دعائهم الآتي، وقيل : مبالغة في إظهار أمرهم ﴿ واتبعنا الرسول ﴾ أي امتثلنا ما أتى به منك إلينا ﴿ فاكتبنا مَعَ الشاهدين ﴾ أي محمد ﷺ وأمته لأنهم يشهدون للرسل بالتبليغ ومحمد ﷺ يشهد لهم بالصدق رواه عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وروى أبو صالح عنه أنهم من آمن من الأمم قبلهم، وقيل : المراد من ﴿ الشاهدين ﴾ الأنبياء لأن كل نبي شاهد لأمته وعليها، وقال مقاتل : هم الصادقون، وقال الزجاج : هم الشاهدون للأنبياء بالتصديق، وقيل : أرادوا مع المستغرقين في شهود جلالك بحيث لا نبالي بما يصل إلينا من المشاق والآلام فيسهل علينا الوفاء بما التزمنا من نصرة رسولك، وقيل : أرادوا اكتب ذكرنا في زمرة من شهد حضرتك من الملائكة المقربين كقوله تعالى :﴿ إِنَّ كتاب الابرار لَفِى عِلّيّينَ ﴾ [ المطففين : ٨١ ] ولا يخفى ما في هذا الأخير من التكلف والمعنى على ما عداه أدخلنا في عداد أولئك، أو في عداد أتباعهم، قيل : وعبروا عن فعل الله تعالى ذلك بهم بلفظ ﴿ فاكتبنا ﴾ إذ كانت الكتابة تقيد وتضبط ما يحتاج إلى تحقيقه وعلمه في ثاني حال، وقيل : المراد اجعل ذلك وقدره في صحائف الأزل. ومن الناس من جعل الكتابة كناية عن تثبيتهم على الإيمان في الخاتمة، والظرف متعلق بمحذوف وقع حالاً من مفعول اكتبنا. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٧٧﴾


الصفحة التالية
Icon