قال القرطبي : وأصل المكر في اللغة : الاحتيال والخِداع، والمكر : خَدَالةُ الساق، والمكر : ضَرْب من النبات ويقال : بل هو المَغْرَة، حكاه ابنُ فارس، قالوا : واشتقاقه من المكر، وهو شجر ملقف، تخيلوا منه أن المكر منه أن المكر يلتفّ بالممكور به ويشتمل عليه، وامرأة ممكورة الخَلْق، أي : ملتفة الجسم، وكذا ممكورة البَطْن.
ثم أطلق المكر على الخُبْث والخداع، ولذلك عبر عنه بعض أهل اللغة بأنه السعيُ بالفساد، قال الزّجّاجُ هو من مكر الليل وأمكر أي أظلم، وعب ربعضهم عنه فقال هو صرف الغير عما يقصده بحيلةٍ، وذلك ضربان : محمود، وهو أن يتحرَّى به فِعْلَ جَميلٍ، وعلى ذلك قوله :﴿ والله خَيْرُ الماكرين ﴾. ومذموم، وهو أن يتحرَّى به فعل قبيح، نحو :﴿ وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ ﴾ [ فاطر : ٤٣ ]. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٢٦٣ ـ ٢٦٤﴾
فائدة
قال الشيخ الشنقيطى :
لم يبين هنا مكر اليهود بعيسى ولا مكر الله باليهود، ولكنه بين في موضع آخر أن مكرهم به محاولتهم قتله، وذلك في قوله :﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ رَسُولَ الله ﴾ [ النساء : ١٥٧ ] وبين أن مكره بهم إلقاؤه الشبه على غير عيسى وإنجاؤه عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وذلك في قوله :﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ولكن شُبِّهَ لَهُمْ ﴾ [ النساء : ١٥٧ ]، وقوله :﴿ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ ﴾ [ النساء : ١٥٧-١٥٨ ] الآية. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ٢٠١﴾

فصل


قال الفخر :
المكر عبارة عن الاحتيال في إيصال الشر، والاحتيال على الله تعالى محال فصار لفظ المكر في حقه من المتشابهات وذكروا في تأويله وجوهاً أحدها : أنه تعالى سمى جزاء المكر بالمكر، كقوله ﴿وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا﴾ [ الشورى : ٤٠ ] وسمى جزاء المخادعة بالمخادعة، وجزاء الاستهزاء بالاستهزاء


الصفحة التالية
Icon