هَا - إنَّ - ذِي عِذْرَةٌ إنْ لا تَكُنْ قُبِلَتْ... فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَدْ تَاهَ في الْبَلَدِ
ومنهم من قال : إنها مُبْدَلَةٌ من همزة الاستفهام، والأصل : أأنتم ؟ وهو استفهام إنكار، وقد كثر إبدال الهمزة هاء - وإن لم ينقس - قالوا هَرَقْتُ، وهَرَحْتُ، وهَنَرتُ، وهذا قول أبي عمرو بن العلاء، وأبي الحسن الأخفش، وجماعة، وأستحسنه أبو جعفر، وفيه نظرٌ ؛ من حيث إنه لم يثبُت ذلك في همزة الاستفهام، لم يُسْمَع : هَتَضْرِبُ زَيْداً - بمعنى أتَضْرِبُ زيداً ؟ وإذا لم يثبت ذلك فكيف يُحْمَلُ هذا عليه ؟
هذا معنى ما اعترض به أبو حيان على هؤلاء الأئمةِ، وإذا ثبت إبدال الهمزة هاءٌ هان الأمر، ولا نظر إلى كونها همزةَ استفهام، ولا غيرها، وهذا - أعني كونها همزة استفهام أبْدِلت هاءً - ظاهر قراءة قُنْبُلٍ، وورش ؛ لأنهما لا يُدْخِلان ألفاً بين الهاء وهمزة " أنتم " ؛ لأن إدخال الألف لما كان لاستثقال توالي همزتين، فلما أبدلت الهمزة هاء زال الثقل لفظاً ؛ فلم يُحتَج إلى فاصلةٍ، وقد جاء إبدال همزة الاستفهام ألفاً في قول الشاعر :[ الكامل ]
وَأتَتْ صَوَاحِبَهَا، وَقُلْنَ هَذَا الَّذِي... مَنَحَ الْمَوَدَّةَ غَيْرَنَا وَجَفَانَا
يريد أذا الذي ؟
ويضعف جعلها - على قراءتهما - " ها " التي للتنبيه ؛ لأنه لم يُحْفَظ حَذْفُ ألِفِها، لا يقال : هَذَا زيد - بحذف ألف " ها " - كذا قيل.


الصفحة التالية
Icon