من فوائد الآلوسى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ إِنَّ أَوْلَى الناس بإبراهيم ﴾ ﴿ أُوْلِى ﴾ أفعل تفضيل من وليه يليه ولياً وألفه منقلبة عن ياء لأن فاءه واو فلا تكون لامه واواً إذ ليس في الكلام ما فاؤه ولامه واوان إلا واو، وأصل معناه أقرب، ومنه ما في الحديث "لأولى رجل ذكر" ويكون بمعنى أحق كما تقول : العالم أولى بالتقديم، وهو المراد هنا أي أقرب الناس وأخصهم بإبراهيم ﴿ لَلَّذِينَ اتبعوه ﴾ أي كانوا على شريعته في زمانه، أو اتبعوه مطلقاً فالعطف في قوله سبحانه :﴿ وهذا النبى ﴾ من عطف الخاص على العام وهو معطوف على الموصول قبله الذي هو خبر ﴿ إن﴾ وقرىء بالنصب عطفاً على الضمير المفعول، والتقدير للذين اتبعوا إبراهيم واتبعوا هذا النبي وقرىء بالجر عطفاً على إبراهيم أي إن أولى الناس بإبراهيم، وهذا النبي للذين اتبعوه واعترض بأنه كان ينبغي أن يثني ضمير ﴿ اتبعوه ﴾ ويقال اتبعوهما، وأجيب بأنه من باب ﴿ والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ [ التوبة : ٦٢ ] إلا أن فيه على ما قيل الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي، وقوله تعالى :﴿ والذين ءامَنُواْ ﴾ إن كان عطفاً على الذين اتبعوه يكون فيه ذلك أيضاً، وإن كان عطفاً على هذا النبي فلا فائدة فيه إلا أن يدعى أنها للتنويه بذكرهم، وأما التزام أنه من عطف الصفات بعضها على بعض حينئذ فهو كما ترى، ثم إن كون المتبعين لإبراهيم عليه السلام في زمانه أولى الناس به ظاهر، وكون نبينا ﷺ أولاهم به لموافقة شريعته للشريعة الإبراهيمية أكثر من موافقة شرائع سائر المرسلين لها، وكون المؤمنين من هذه الأمة كذلك لتبعيتهم نبيهم فيماجاء به ومنه الموافق.