" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
وقوله :﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾ يجوز أن يكون مضارعاً - حُذِفَتْ منه إحدى التاءَين، تخفيفاً - على حَدِّ قراءة :﴿ تَنَزَّلُ الملائكة ﴾ [ القدر : ٤ ] و﴿ تَذَكَّرُون ﴾ [ الأنعام : ١٥٢ ] - ويؤيد هذا نسق الكلام، ونظمُه في خطاب من تقدم في قوله :﴿ تَعَالَوْا ﴾ ثم جرى معهم في الخطاب إلى أن قال لهم : فَإن تولّوا.
قال ابو البقاء :" ويجوز أن يكون مستقبلاً، تقديره : تتولوا - ذكره النَّحَّاسُ - وهو ضعيفٌ ؛ لأن حَرْفَ الْمُضَارَعَِ لا يُحْذَف ".
قال شهاب الدين :" وهذا ليس بشيء ؛ لأن حرف المضارعة يُحْذَف - في هذا النحو - من غير خِلافٍ. وسيأتي من ذلك طائفة كثيرة ".
وقد أجمعوا على الحذف في قوله :﴿ تَنَزَّلُ الملائكة وَالرُّوحُ فِيهَا ﴾ [ القدر : ٤ ].
ويجوز أن يكون ماضياً، أي : فإن تَوَلَّى وَفْدُ نجرانَ المطلوب مباهلتهم، ويكون - على ذلك - في الكلام التفات ؛ إذْ فيه انتقال من خطابٍ إلى غيبةٍ.
قوله :﴿ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾ من وقوع الظاهر موقعَ المُضْمَرِ، تنبيهاً على العلة المقتضية للجزاءِ، وكان الأصل : فإن الله عليم بكم - على الأول - وبهم - على الثاني. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٩٣ ـ ١٩٤﴾
فصل
قال الفخر
والمعنى : فإن تولوا عما وصفت من أن الله هو الواحد، وأنه يجب أن يكون عزيزاً غالباً قادراً على جميع المقدورات، حكيماً عالماً بالعواقب والنهايات مع أن عيسى عليه السلام ما كان عزيزاً غالباً، وما كان حكيماً عالماً بالعواقب والنهايات.
فاعلم أن توليهم وإعراضهم ليس إلا على سبيل العناد فاقطع كلامك عنهم وفوض أمرهم إلى الله، فإن الله عليم بفساد المفسدين، مطلع على ما في قلوبهم من الأغراض الفاسدة، قادر على مجازاتهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٧٥﴾