قلت : معناه : دبرتم ما دبرتم لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، ولما يتصل به عند كفركم به في محاجتهم [ لكم ] عند ربكم.
الوجه الرابع : أن ينتصب ﴿ أَن يؤتى ﴾ بفعل مقدَّرٍ، يدل عليه :﴿ وَلاَ تؤمنوا إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾ إنكار لأن يؤتى أحد مثل ما أوتُوا.
قال أبو حيّان : وهذا بعيد ؛ لأنه فيه حذفَ حرف النهي وحذفَ معموله، ولم يُحْفظ ذلك من لسانهم.
قال شهاب الدين :" متى دلَّ على العامل دليلٌ جاز حَذْفُه على أي حالةٍ كان ".
الوجه الخامس : أن يكون ﴿ هُدَى الله ﴾ بدلاً من " الْهُدَى " الذي هو اسم " إنَّ " ويكون خبر ﴿ أَن يؤتى أَحَدٌ ﴾، قُلْ إنَّ هدى الله أن يؤتى أحد، أي إن هدى الله آتياً أحداً مثل ما أوتيتم، ويكون " أوْ " بمعنى " حتى "، والمعنى : حتى يحاجوكم عند ربكم، فيغلبوكم ويدحضوا حُجَّتَكم عند الله، ولا يكون ﴿ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ ﴾ معطوفاً على ﴿ أَن يؤتى ﴾ وداخلاً في خبر إن.
الوجه السادس : أن يكون ﴿ أَن يؤتى ﴾ بدلاً من ﴿ هُدَى الله ﴾ ويكون المعنى : قُلْ بأن الهدى هدى الله، وهو أن يؤتى أحد كالذي جاءنا نحن، ويكون قوله :﴿ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ ﴾ بمعنى فليحاجوكم، فإنهم يغلبونكم، قال ابنُ عطية : وفيه نظرٌ ؛ لأن يؤدي إلى حذف حرف [ النهي ] وإبقاء عمله.
الوجه السابع : أن تكون " لا " النافية مقدَّرة قبل ﴿ أَن يؤتى ﴾ فحذفت ؛ لدلالة الكلام عليها، وتكون " أو " بمعنى " إلاَّ أن " والتقدير : ولا تؤمنوا لأحد بشيء إلا لمن تبع دينَكم بانتفاء أن يؤتى أحَدٌ مثل ما أوتيتم إلا من تَبع دينَكُمْ، وجاء بمثله، فإن ذلك لا يؤتى به غيركم إلا أن يحاجوكم، كقولك : لألزمنك أو تقضيني حقي.
وفيه ضعف من حيث حذف " لا " النافية، وما ذكروه من دلالة الكلامِ عليها غير ظاهر.