الوجه الثامن : أن يكون ﴿ أَن يؤتى ﴾ مفعولاً من أجله، وتحرير هذا القول أن يجعل قوله :﴿ أَن يؤتى أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ ﴾ ليس داخلاً تحت قوله :" قل " بل هو من تمام قول الطائفة، متصل بقوله : ولا تؤمنوا إلا لمن جاء بمثل دينكم مخافةَ أن يؤتى أحد من النُّبُوَّة والكرامة مثل ما أوتيتم، ومخافةَ أن يُحاجُّوكم بتصديقكم إياهم عند ربكم إذا لم تستمروا عليه، وهذا القولُ منهم ثمرة حسدهم وكُفْرهم - مع معرفتهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولما قدر المُبردُ المفعول من أجله - هنا - قدر المضاف : كراهة أن يُؤتَى أحد مثل ما أوتيتم، أي : مما خالف دينَ الإسلام ؛ لأن اللهَ لا يهدي من هو كاذبٌ كَفَّار، فهُدَى الله بعيد من غير المؤمنين والخطاب في ﴿ أُوتِيتُمْ ﴾ و﴿ يُحَاجُّوكُمْ ﴾ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
واستضعف بعضُهم هذا، وقال : كونه مفعولاً من أجْلهِ - على تقدير : كراهة - يحتاج إلى تقدير عامل فيه ويصعُب تقديره ؛ إذ قبله جملة لا يظهر تعليل النسبة فيها، بكراهة الإيتاء المذكور.
الوجه التاسع : أن " أنْ " المفتوحة تأتي للنفي - كما تأتي " لا "، نقله بعضهم أيضاً عن الفراء، وجعلَ " أو " بمعنى " إلا "، والتقدير : لا يُؤتَى أحد ما أوتيتم إلا أن يحاجُّوكم، فإن إيتاءه ما أوتيتم مقرون بمغالبتكم أو محاجتكم عند ربكم ؛ لأن من آتاه الله الوحي لا بُدّ أن يحاجهم عند ربهم - في كونهم لا يتبعونه - فقوله :﴿ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ ﴾ حالٌ لازمةٌ من جهة المعنى ؛ إذ لا يوحي اللهُ لرسولٍ إلا وهو يُحاجُّ مخالفيه. وهذا قول ساقطٌ ؛ إذْ لم يثبت ذلك من لسان العربِ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٣٢١ ـ ٣٢٥﴾
فائدة
قال الماوردى :
واختلف في سبب نهيهم أن يؤمنوا إلا لِمَنْ تَبعَ دينهم على قولين :