الثالث : أن يكون منصوباً بفعل مقدَّرٍ يُفَسِّرُه هذا الفعل المُضْمَر، وتكون المسألة من باب الاشتغال، التقدير : أتذكرون أن يؤتى أحَدٌ تذكرونه ؟ ف " تذكرونه " مُفَسِّرٌ لـ " تذكرون " الأولى، على حد : أزيداً ضربتَه ؟ ثم حذف الفعل الأخير ؛ لدلالة الكلام عليه، وكأنه منطوقٌ به، ولكونه في قوةِ المنطوقِ به صَحَّ له أن يُفَسِّر مُضْمَراً وهذه المسألة منصوص عليها، وهذا أرجح من الوجه قبله، لأنه مثل : أزيداً ضربته وهو أرجح، لأجل الطالب للفعل، ومثل حذف هذا الفعل المقدَّر لدلالة ما قبل الاستفهام عليه حذف الفعل في قوله تعالى :﴿ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ﴾ [ يونس : ٩١ ] تقديره : آلآن آمنتَ، ورجعتَ وثبت، ونحو ذلك.
قال الواحديُّ : فإن قيل : كيف جاز دخول " أحَدٌ " في هذه القراءة، وقد انقطع من النفي، والاستفهام، وإذا انقطع الكلام - إيجاباً وتقريراً - فلا يجوز دخول " أحَدٌ ".
قيل : يجوز أن يكون أحَدٌ " - في هذا الموضع - أحداً الذي في نحو أحد وعشرين، وهذا يقع في الإيجاب، ألا ترى أنه بمعنى " واحد ".
قال أبو العباسِ : إن " أحَداً " و" وَحَداً " و" وَاحِداً " بمعنًى.
وقوله :﴿ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ ﴾، أو في هذه القراءة - بمعنى " حتى "، ومعنى الكلام : أأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تذكرونه لغيركم حتى يُحَاجُّوكُمْ عند ربكم.
قال الفراء :" ومثله في لكلام : تَعَلَّق به أو يُعْطيك حَقَّك.
ومثله قول امرئ القيس :[ الطويل ]
١٥١٤- فَقُلْتُ لَهُ : لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنَّمَا... نُحَاوِلُ مُلْكاً أو نَمُوتَ فنُعْذَرَا


الصفحة التالية
Icon