ولما كان التوجه إلى غير الله خلاف ما تدعو إليه الفطرة الأولى عبر بصيغة الافتعال فقال :﴿ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً﴾ أي كعزير والمسيح والأحبار والرهبان الذين يحلون ويحرمون.
ولما كان الرب قد يطلق على المعلم والمربي بنوع تربية نبه على أن المحذور إنما هو اعتقاد الاستبداد، والأجتراء على ما يختص به الله سبحانه وتعالى فقال :﴿من دون الله﴾ الذي اختص بالكمال.
ولما زاحت الشكوك وانتفت العلل أمر بمصارحتهم بالخلاف في سياق ظاهره المتاركة وباطنه الإنذار الشديد المعاركة فقال - مسبباً عن ذلك مشيراً بالتتعبير بأداة الشك إلى أن الإعراض عن هذا العدل لا يكاد يكون :﴿فإن تولوا﴾ أي عن الإسلام له في التوحيد ﴿فقولوا﴾ أنتم تبعاً لأبيكم إبراهيم عليه السلام إذ قال :﴿أسلمت لرب العالمين﴾ [ البقرة : ١٣١ ] وامتثالاً لوصيته إذ قال :﴿ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ [ البقرة : ١٣٢ ] ﴿اشهدوا بأنا﴾ أي نحن ﴿مسلمون﴾ أي متصفون بالإسلام منقادون لأمره، فيوشك أن يأمرنا نبيه ﷺ بقتالكم لنصرته عليكم جرياً على عادة الرسل، فنجيبه بما أجاب به الحواريون المشهدون بأنهم مسلمون، ثم نبارزكم متوجهين إليه معتمدين عليه، وأنتم تعرفون أيامه الماضية ووقائعه السالفة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٠٩ ـ ١١٠﴾