واعتذر بعضهم عن الأول، فقال : إن أراد بالقصص الخبر، فيصح على هذا، ويكون التقدير : إن الخبر الحق ﴿ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله ﴾ ولكن الاعتراض الثاني باقٍ، لم يُجَبْ عنه.
و" هُوَ " يجوز أن يكون فَصْلاً، و" القصص " خبر " إن "، و" الْحَقُّ " صفته، ويجوز أن يكون " هو " مبتدأ و" الْقَصَصُ " خبره، والجملة خبر " إنَّ ".
والقصص مصدر قولهم : قَصَّ فلانٌ الحديثَ، يَقُصُّهُ، قَصًّا، وقَصَصاً وأصله : تتبع الأثَر، يقال : فلان خرج يقصُّ أثَرَ فلان، أي : يتبعه، ليعرف أين ذَهَبَ. ومنه قوله :﴿ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ ﴾ [ القصص : ١١ ]، أي، اتبعي أثره، وكذلك القاصّ في الكلام، لأنه يتتبع خَبراً بعد خبر. وقد تقدم التنبيه على قراءتي " لهْو " بسكون الهاء وضمها ؛ إجراء لها مجرى عضد.
قال الزمخشريُّ : فإن قلتَ : لم جاز دخولُ اللامِ على الفَصْل ؟
قلت : إذا جاز دخولُها على الخبر كان دخولُها على الفَصْل أجودَ ؛ لأنه أقرب إلى المبتدأ منه وأصلها أن تدخل على المبتدأ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٩١ ـ ١٩٢﴾
قوله تعالى ﴿وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله﴾
قال الفخر :
﴿وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله﴾ هذا يفيد تأكيد النفي، لأنك لو قلت عندي من الناس أحد، أفاد أن عندك بعض الناس، فإذا قلت ما عندي من الناس من أحد، أفاد أنه ليس عندك بعضهم، وإذا لم يكن عندك بعضهم، فبأن لا يكون عندك كلهم أولى فثبت أن قوله ﴿وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله﴾ مبالغة في أنه لا إله إلا الله الواحد الحق سبحانه وتعالى.