وقوله :﴿ سواء ﴾ نعت للكلمة، قال قتادة والربيع وغيرهما : معناه إلى كلمة عدل، فهذا معنى " السواء "، وفي مصحف عبد الله بن مسعود :" إلى كلمة عدل بيننا وبينكم "، كما فسر قتادة والربيع، وقال بعض المفسرين : معناه إلى كلمة قصد.
قال الفقيه الإمام أبو محمد : وهذا قريب في المعنى من الأول، والسواء والعدل والقصد مصادر وصف بها في هذه التقديرات كلها، والذي أقوله في لفظة ﴿ سواء ﴾ انها ينبغي أن تفسر بتفسير خاص بها في هذا الموضع وهو أنه دعاهم إلى معان جميع الناس فيها مستوون، صغيرهم وكبيرهم، وقد كانت سيرة المدعوين أن يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً فلم يكونوا على استواء حال فدعاهم بهذه الآية إلى ما تألفه النفوس من حق لا يتفاضل الناس فيه، ف ﴿ سواء ﴾ على هذا التأويل بمنزلة قولك لآخر : هذا شريكي في مال سواء بيني وبينه.
والفرق بين هذا التفسير وبين تفسير اللفظة بعدل، أنك لو دعوت أسيراً عندك إلى أن يسلم أو تضرب عنقه، لكنت قد دعوته إلى السواء الذي هو العدل، وعلى هذا الحد جاءت لفظة ﴿ سواء ﴾ في قوله تعالى :﴿ فانبذ إليهم على سواء ﴾ [ الأنفال : ٥٨ ] على بعض التأويلات، ولو دعوت أسيرك إلى أن يؤمن فيكون حراً مقاسماً لك في عيشك، لكنت قد دعوته إلى السواء، الذي هو استواء الحال على ما فسرته، واللفظ على كل تأويل فيها معنى العدل، ولكني لم أر لمتقدم أن يكون في اللفظة معنى قصد استواء الحال، وهو عندي حسن، لأن النفوس تألفه، والله الموفق للصواب برحمته. (١) أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٤٤٩﴾
لطيفة
قال ابن الجوزى :
فأما "الكلمة" فقال المفسرون هي : لا إله إلا الله
فإن قيل : فهذه كلمات، فلم قال كلمة ؟ فعنه جوابان.

_____
(١) هذا الكلام استحنه ابن عاشور وتعقبه أبو حيان بقوله :
وهو تكثير لا طائل تحته، والظاهر انتصاب الظرف بسواء. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٥٠٧﴾


الصفحة التالية
Icon