الثاني : أن يكون الخبر مُضْمَراً، تقديره : وما من إله لنا إلا الله، و﴿ إِلاَّ الله ﴾ بدل من موضع ﴿ مِنْ إله ﴾، لأن موضعه رفع بالابتداء، ولا يجوز في مثله الإبدالُ من اللفظ، لِئَلاّ يلزم زيادة " مِنْ " في الواجب، وذلك لا يجوز عند الجمهور.
ويجوز في مثل هذا التركيب نصب ما بعد " إِلاَّ " على الاستثناء، ولكن لم يُقرأ به، إلا أنَّه جائز لُغَةً أنْ يُقَالَ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ - برفع لفظ الجلالة بدلاً من الموضع، ونصبها على الاستثناء من الضمير المستكن في الخبر المقدر ؛ إذ التقدير : لا إله استقر لنا إلا الله.
وقال بَعْضُهُم : دخلت " مِنْ " لإفادة تأكيد النفي ؛ لأنك لو قلتَ : ما عندي من الناس أحد، أفاد أن عندك بعض الناس. فإذا قلتَ : ما عندي من الناس من أحدٍ، أفاد أن ليس عندك بعضهم وإذا لم يكن عندك بعضهم فبأن لا يكون عندك كلهم أوْلَى، فثبت أن قوله :﴿ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله ﴾ مبالغة في أنه لا إله إلا الله الواحدُ الحقُّ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٩٢ ـ ١٩٣﴾
فائدة
قال الآلوسى :
﴿ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله ﴾ رد النصارى في تثليثهم، وكذا فيه رد على سائر الثنوية، و﴿ مِنْ ﴾ زائدة للتأكيد كما هو شأن الصلات، وقد فهم أهل اللسان كما قال الشهاب أنها لتأكيد الاستغراق المفهوم من النكرة المنفية لاختصاصها بذلك في الأكثر، وقد توقف محب الدين في وجه إفادة الكلمات المزيدة للتأكيد بأي طريق هي فإنها ليست وضعية، وأجاب بأنها ذوقية يعرفها أهل اللسان، واعترض بأن هذا حوالة على مجهول فلا تفيد، فالأولى أن يقال : إنها وضعية لكنه من باب الوضع النوعي فتدبر


الصفحة التالية
Icon