أحدهما : أن تجعل ﴿لا﴾ مزيدة والمعنى : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة أن يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ويأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيّين أرباباً، كما تقول : ما كان لزيد أن أكرمه ثم يهينني ويستخف بي والثاني : أن تجعل ﴿لا﴾ غير مزيدة، والمعنى أن النبي ﷺ كان ينهى قريشاً عن عبادة الملائكة، واليهود والنصارى عن عبادة عزير والمسيح، فلما قالوا : أتريد أن نتخذك رباً ؟ قيل لهم : ما كان لبشر أن يجعله الله نبياً ثم يأمر الناس بعبادة نفسه وينهاهم عن عبادة الملائكة والأنبياء، وأما القراءة بالرفع على سبيل الاستئناف فظاهر لأنه بعد انقضاء الآية وتمام الكلام، ومما يدل على الانقطاع عن الأول ما روي عن ابن مسعود أنه قرأ ﴿وَلَنْ يَأْمُرُكُمْ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٩٩ ـ ١٠٠﴾
قال الطبرى :
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك :"ولا يأمرَكم"، بالنصب على الاتصال بالذي قبله، بتأويل : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتابَ والحكمَ والنبوةَ، ثم يقولَ للناس كونوا عبادًا لي من دون الله ولا أنْ يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا. لأن الآية نزلت في سبب القوم الذين قالوا لرسول الله ﷺ :"أتريد أن نعبدك" ؟ فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه ليس لنبيّه ﷺ أن يدعو الناسَ إلى عبادة نفسه، ولا إلى اتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا. ولكن الذي له : أنْ يدعوهم إلى أن يكونوا ربانيين.


الصفحة التالية
Icon