فأما الذي ادَّعى من قرأ ذلك رفعًا، أنه في قراءة عبد الله :"ولن يأمركم" استشهادًا لصحة قراءته بالرفع، فذلك خبر غيرُ صحيح سَنَده، وإنما هو خبر رواه حجاج، عن هارون الأعور أنّ ذلك في قراءة عبد الله كذلك. ولو كان ذلك خبرًا صحيحًا سنده، لم يكن فيه لمحتجٍّ حجة. لأن ما كان على صحته من القراءة من الكتاب الذي جاءَ به المسلمون وراثةً عن نبيهم ﷺ، لا يجوز تركه لتأويلٍ على قراءة أضيفت إلى بعض الصحابة، بنقل من يجوز في نقله الخطأ والسهو. (١) أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٦ صـ ٥٤٧ ـ ٥٤٨﴾
فائدة
قال الفخر :
قال الزجاج : ولا يأمركم الله، وقال ابن جُرَيْج : لا يأمركم محمد، وقيل : لا يأمركم الأنبياء بأن تتخذوا الملائكة أرباباً كما فعلته قريش. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٠٠﴾
فائدة
قال الفخر :
إنما خص الملائكة والنبيّين بالذكر لأن الذين وصفوا من أهل الكتاب بعبادة غير الله لم يحك عنهم إلا عبادة الملائكة وعبادة المسيح وعزير، فلهذا المعنى خصهما بالذكر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٠٠﴾
قال تعالى :﴿أَيَأْمُرُكُم بالكفر بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾
قال القرطبى :
﴿ أَيَأْمُرُكُم بالكفر بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ على طريق الإنكار والتعجب ؛ فحرّم الله تعالى على الأنبياء أن يتخذوا الناس عباداً يتألّهون لهم ولكن ألزم الخلق حرمتهم.
وقد ثبت عن النبيّ ﷺ أنه قال :" لا يقولنّ أحدكم عَبْدِي وأَمَتِي وليقل فَتايَ وفَتَاتِي ولا يقل أحدكم ربِّي وليقل سَيِّدي " وفي التنزيل ﴿ اذكرني عِندَ رَبِّكَ ﴾ [ يوسف : ٤٢ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ١٢٤﴾

______
(١) القراءتان متواترتان ومن ثم فلا يجوز الترجيح بينهما. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon