والمعنى على عوده على " بَشَر " أنه لا يقع من بشر موصوفٍ بما وُصِفَ به أن يَجْعَل نفسه ربًّا، فيُعْبَدَ، ولا يأمر - أيضاً - أن تُعْبَد الملائكةُ والنبيون من دون الله، فانتفى أن يدعوَ الناسَ إلى عبادة نفسه، وإلى عبادة غيره - والمعنى - على عَوْده على الله - تعالى - أنه تعالى أخْبَر أنه لم يَأمُرْ بذلك، فانتفى أمر الله وأمر أنبيائه بعبادة غيره تعالى.
وأما قراءة النصب ففيها وجوهٌ :
أحدها : قول أبي علي وغيره، وهو أن يكون المعنى : دلالة أن يأمركم، فقدروا " أن " مضمرة بعده وتكون " لا " مؤكِّدة لمعنى النفي السابق، كما تقول : ما كان من زيد إتيان ولا قيام وأنت تريد انتفاء كل واحد منهما عن زيد، ف " لا " للتوكيد لمعنى النفي السابق، وبقي معنى الكلام : ما كان من زيد إتيان، ولا منه قيام.
الثاني : أن يكون نصبه لنَسَقه على ﴿ أَن يُؤْتِيهُ ﴾ قال سيبويه : والمعنى : وما كان لبَشَرٍ أن يأمركم أن تتخِذُوا الملائكة.
قال الواحديُّ : ويُقوي هذا الوجهَ ما ذكرنا من أن اليهود قالوا للنبي ﷺ أتريد يا محمدُ أن نتخذَك رَبًّا ؟ فنزلت.
الثالث : أن يكون معطوفاً على " يَقُولُ في قراءة العامة - قاله الطَّبَريُّ.
قال ابن عطيةَ :" وهذا خَطأ لا يلتئم به المعنى "، ولم يبين أبو مُحَمدٍ وَجْهَ الخَطَأ " ولا عدم التآم المعنى.