أبحاث نفيسة
قال فى الميزان :
ما الذي قاله عيسى (عليه السلام) وما الذي قيل فيه
ذكر القرآن أن عيسى كان عبدا رسولا وأنه لم يدع لنفسه ما نسبوه إليه ولا تكلم معهم إلا بالرسالة كما قال تعالى ﴿وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وامي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم﴾ : المائدة - ١١٩ ١١٦.
وهذا الكلام العجيب الذي يشتمل من العبودية على عصارتها ويتضمن من بارع الأدب على مجامعه يفصح عما كان يراه عيسى المسيح (عليه السلام) من موقفه نفسه تلقاء ربوبية ربه وتجاه الناس وأعمالهم فذكر أنه كان يرى نفسه بالنسبة إلى ربه عبدا لا شأن له إلا الامتثال لا يرد إلا عن أمر ولا يصدر إلا عن أمر ولم يؤمر إلا بالدعوة إلى عبادة الله وحده ولم يقل لهم إلا ما أمر به أن اعبدوا الله ربي وربكم.
ولم يكن له من الناس إلا تحمل الشهادة على أعمالهم فحسب وأما ما يفعله الله فيهم وبهم يوم يرجعون إليه فلا شأن له في ذلك غفر أو عذب.
فإن قلت فما معنى ما تقدم في الكلام على الشفاعة أن عيسى (عليه السلام) من الشفعاء يوم القيامة يشفع فيشفع.


الصفحة التالية
Icon