وجوز أبو البقاء في " ما " هذه أن تكون مصدرية فقط، وذلك المصدر - المنسبك منها ومن دام - في محل نصب على الحال، وهو استثناءٌ مفرَّغ - أيضاً - من الأحوال المقدَّرة العامة، والتقدير : إلا في حال ملازمتك له، وعلى هذا، فيكون " دَامَ " هنا تامة ؛ لما تقدم من أن تقدُّم الظرفية شرط في إعمالها، فإذا كانت تامة انتصب " قَائماً " على الحال، يقال : دام يدُوم - كقام يقوم - و" دُمت قائماً " بضم الفاء وهذه لغة الحجاز، وتميم يقولون : دِمْت - بكسرها - وبها قرأ أبو عبد الرحمن وابن وثّابٍ والأعمشُ وطلحة والفياضُ بن غزوان وهذه لغة تميم، ويجتمعون في المضارع، فيقولون : يدوم يعني : أن الحجازيين والتميميين اتفقوا على أن المضارع مضمومُ الْعَيْنِ، وكان قياسُ تميم أن تقول يُدام كخاف يخاف - فيكون وزنها عند الحجازيين فعَل - بفتح العين - وعند التميمين فِعل بكسرها هذا نقل الفراء.
وأما غيره فنقل عن تميم أنهم يقولون : دِمْتُ أدام - كخِفت اخاف - نقل ذلك أبو إسحاق وغيره كالراغب الأصبهاني والزمخشري.
وأصل هذه المادة : الدلالة على الثبوت والسكون، يقال : دام الماء، أي سكن. وفي الحديث :" لا يبولن أحدكم في الماء الدائم " وفي بعضه بزيادة : الذي لا يجري، وهو تفسير له، وأدَمْت القِدْرَ، ودومتها سكنت غليانها بالماء، ومنه : دامَ الشيء، إذا امتدَّ عليه الزمان، ودوَّمت الشمس : إذا وقعت في كبد السماء.
قال ذو الرمة :[ البسيط ]
......................... وَالشَّمْسُ حيْرَى لَهَا في الْجَوِّ تَدْوِيمُ