هكذا أنشد الراغبُ هذا الشطر على هذا المعنى، وغيره ينشده على معنى أن الدوام يُعَبَّر به عن الاستدارة حول الشيء، ومنه الدوام، وهو الدُّوَار الذي يأخذ الإنسان في دماغه، فيرَى الأشياء دائرة. وأنشد معه - أيضاً - قول علقمة به عَبدَة :[ البسيط ]
تَشْفِي الصُّدَاعَ وَلاَ يُؤْذِيكَ سَالِيهَا... وَلاَ يُخَالِطُهَا فِي الرَّأْسِ تَدْوِيمُ
ومنها : دوَّم الطائر، إذا حَلَّق ودار.
قوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْنَا ﴾ يجوز أن يكون في " ليس " ضمير الشأنِ - وهو اسمها - وحينئذ يجوز أن يكون " سبيل " مبتدأ، و" عَلَيْنَا " الخبر، والجملة خبر ليس. ويجوز أن يكون " عَلَيْنَا " وحده هو الخبر، و﴿ سَبِيلِ ﴾ مرتفع به على الفاعلية. ويجوز أن يكون ﴿ سَبِيلِ ﴾ اسم " ليس " والخبر أحد الجارين أعني :﴿ عَلَيْنَا ﴾ أو ﴿ فِي الأميين ﴾.
ويجوز أن يتعلق ﴿ فِي الأميين ﴾ بالاستقرار الذي تعلق به " عَلَيْنَا " وجوّز بعضهم أن يتعلق بنفس " ليس " نقله أبو البقاء، وغيرُه، وفي هذا النقل نظر ؛ وذلك أن هذه الأفعال النواقص في عملها في الظروف خلاف، وَبَنَوُا الخلافَ على الخلاف في دلالتها على الحدث، فمن قال : تدل على الحدث جوز إعمالها في الظرف وشبهه، ومن قال : لا تدل على الحدث منعوا إعمالها. واتفقوا على أن " ليس " لا يدل على حدث ألبتة، فكيف تعمل ؟ هذا ما لا يُعْقَل.
ويجوز أن يتعلق ﴿ فِي الأميين ﴾ بـ " سَبيلٌ "، لأنه استعمل بمعنى الحرجِ، والضمانِ، ونحوها. ويجوز أن يكون حالاً منه فيتعلق بمحذوف.
قال : فالأمي منسوب إلى الأم، وسُمِّي النبي ﷺ أمياً ؛ قيل : لأنه كان لا يكتب، وذلك لأن الأمَّ : أصل الشيء فمن لا يكتب فقد بَقِي على أصله في أن لا يكتب.