أحدهما : أنه لمجرد نفي ما قبله، وهو قوله ﴿لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الأميين سَبِيلٌ﴾ فقال الله تعالى راداً عليهم ﴿بلى﴾ عليهم سبيل في ذلك وهذا اختيار الزجاج، قال : وعندي وقف التمام على ﴿بلى﴾ وبعده استئناف والثاني : أن كلمة ﴿بلى﴾ كلمة تذكر ابتداء لكلام آخر يذكر بعده، وذلك لأن قولهم : ليس علينا فيما نفعل جناح قائم مقام قولهم : نحن أحباء الله تعالى، فذكر الله تعالى أن أهل الوفاء بالعهد والتقى هم الذين يحبهم الله تعالى لا غيرهم، وعلى هذا الوجه فإنه لا يحسن الوقف على ﴿بلى﴾ وقوله ﴿مَنْ أوفى بِعَهْدِهِ﴾ مضى الكلام في معنى الوفاء بالعهد والضمير في ﴿بِعَهْدِهِ﴾ يجوز أن يعود على اسم ﴿الله﴾ في قوله ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى الله الكذب﴾ ويجوز أن يعود على ﴿مِنْ﴾ لأن العهد مصدر فيضاف إلى المفعول وإلى الفاعل وههنا سؤالان :
السؤال الأول : بتقدير ﴿أن﴾ يكون الضمير عائداً إلى الفاعل وهو ﴿مِنْ﴾ فإنه يحتمل أنه لو وفى أهل الكتاب بعهودهم وتركوا الخيانة، فإنهم يكتسبون محبة الله تعالى.
الجواب : الأمر كذلك، فإنهم إذا أوفوا بالعهود أوفوا أول كل شيء بالعهد الأعظم، وهو ما أخذ الله عليهم في كتابهم من الإيمان بمحمد ﷺ، ولو اتقوا الله في ترك الخيانة، لاتقوه في ترك الكذب على الله، وفي ترك تحريف التوراة.
السؤال الثاني : أين الضمير الراجع من الجزاء إلى ﴿مِنْ﴾ ؟.
الجواب : عموم المتقين قام مقام رجوع الضمير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٩٠ ـ ٩١﴾
فصل
قال الفخر :