واعلم أن هذه الآية دالة على تعظيم أمر الوفاء بالعهد، وذلك لأن الطاعات محصورة في أمرين التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله، فالوفاء بالعهد مشتمل عليهما معاً، لأن ذلك سبب لمنفعة الخلق، فهو شفقة على خلق الله، ولما أمر الله به، كان الوفاء به تعظيماً لأمر الله، فثبت أن العبارة مشتملة على جميع أنواع الطاعات والوفاء بالعهد، كما يمكن في حق الغير يمكن أيضاً في حق النفس لأن الوافي بعهد النفس هو الآتي بالطاعات والتارك للمحرمات، لأن عند ذلك تفوز النفس بالثواب وتبعد عن العقاب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٩١﴾
فائدة
قال ابن عادل :
قوله :﴿ بلى ﴾ جواب لقولهم :" لَيْسَ " وإيجاب لما نفوه. وتقدم القول في نظيره.
قال ابن الخطيبِ : وعندي الوقف التام على " بلى " ثم استأنف.
وقيل : إن كلمة " بلى " كلمة تُذْكَر ابتداءً لكلام آخرَ يُذكَر بعده ؛ لأن قولَهم : ليس علينا فيما نفعل جناحٌ قائمٌ مقام قولهم :﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [ المائدة : ١٨ ] فذكر - تعالى - أن أهل الوفاءِ بالعهد والتقى هم الذين يحبهم الله تعالى - لا غيرهم - وعلى هذا الوجه، فلا يَحْسُن الوقف على " بلى " اه.
و" مَنْ " شرطية، أو موصولة، والرابط بين الجملة الجزائية، أو الخبرية هو العموم في ﴿ الْمُتَّقِينَ ﴾ وعند من يرى الربط بقيام الظاهر مقام المضمر يقول ذلك هنا.
وقيل : الجزاء، أو الخبر محذوف، تقديره : يحبه الله، ودل على هذا المحذوف قوله :﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ وفيه تكلُّفٌ لا حاجةَ إليه.