وفي مجيء هذا الوعيد، عقب الصلة، وهي يشترون بعهد الله الآية، إيذان بأن من شابههم في هذه الصفات فهو لاحق بهم، حتى ظن بعض السلف أن هذه الآية نزلت فيمن حلف يمينا باطلة، وكل يظن أنها نزلت فيما يعرفه من قصة يمين فاجرة، ففي البخاري، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال رسول الله ﷺ :"من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان" فأنزل الله تصديق ذلك :﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ﴾ الآية فدخل الأشعث بن قيس وقال : ما يحدثكم أبو عبد الرحمن قلنا : كذا وكذا. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٣٥ ـ ١٣٦﴾
وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيمَانِهِم ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ وفي العهد قولان :
أحدهما : ما أوجب الله تعالى على الإنسان من طاعته وكَفَّه عن معصيته.
والثاني : ما في عقل الإنسان من الزجر عن الباطل والانقياد إلى الحق.
﴿ أَولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُم فِي الآخِرةِ ﴾. وفي أصل الخلاق قولان :
أحدهما : أن أصله من الخلق بفتح الخاء وهو النفس، وتقدير الكلام لا نصيب لهم.
والثاني : أن أصله الخُلق بضم الخاء لأنه نصيب مما يوجبه الخُلُق الكريم.
﴿ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : لا يكلمهم الله بما يسرهم، لكن يكلمهم بما يسوءهم وقت الحساب لأنه قال :﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَينَا حِسَابَهُم ﴾.
والثاني : لا يكلمهم أصلاً ولكن يرد حسابهم إلى الملائكة.
﴿ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيهِم يَومَ الْقِيَامَةِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : لا يراهم.
والثاني : لا يَمِنُ عليهم.
﴿ وَلاَ يُزَكِّيهِم ﴾ أي لا يقضي بزكاتهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٤٠٣ ـ ٤٠٤﴾
فائدة
قال ابن عطية :


الصفحة التالية
Icon