ولما كان إيهامهم هذا من الجرأة بمكان أعلم سبحانه وتعالى أنهم تجاوزوا إلى ما هو أعظم منه فصرحوا بما أوهموه فقال :﴿ويقولون﴾ أي مجددين التصريح بالكذب في كل وقت بأن يقولوا ﴿وهو من عند الله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال، ثم صرح بكذبهم بقوله - مبعداً لما لووا به ألسنتهم عن أن يكون فيه ثبوت حق مظهراً في موضع الإضمار لأن الاسم الذي لم يشارك فيه أحد بوجه أنص على المراد وأنفى لكل احتمال :﴿وما هو﴾ أي الذي لووا به ألسنتهم حتى أحالوه عن حقيقته ﴿من عند الله﴾ أي الذي له الإحاطة العامة، فما لم يكن من عنده فلا حق فيه بوجه من الوجوه، لا بكونه من الكتاب ولا من غيره.
ولما بين بهذا كذبهم على الله سبحانه وتعالى تصريحاً بعد أن قدم في الآية الأولى بيانه بما يظن تلويحاً أخبر بأن ذلك عادة لهم، لا يقفون منه عند عد، ولا ينحصرون فيه بحد، فقال :﴿ويقولون على الله﴾ أي الحائز لجميع العظمة جرأة منهم ﴿الكذب﴾ أي العام كما قالوا عليه هذا الكذب الخاص، ولما كان الكذب قد يطلق على ما لم يتعمد، بل وقع خطأ احترز عنه بقوله :﴿وهم يعلمون﴾ أي أنه كذب، لا يشكون فيه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١١٦ ـ ١١٧﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية