والجواب : أما قول الجُبّائي لو حملنا قوله تعالى :﴿وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ﴾ على أنه كلام الله لزم التكرار، فجوابه ما ذكرنا أن قوله ﴿وَمَا هُوَ مِنَ الكتاب﴾ معناه أنه غير موجود في الكتاب وهذا لا يمنع من كونه حكماً لله تعالى ثابتاً بقول الرسول أو بطريق آخر فلما قال :﴿وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله﴾ ثبت نفي كونه حكماً لله تعالى وعلى هذا الوجه زال التكرار.
وأما الوجه الأول : من الوجهين اللذين ذكرهما الكعبي فجوابه، أن الجواب لا بد وأن يكون منطبقاً على السؤال، والقوم ما كانوا في ادعاء أن ما ذكروه وفعلوه خلق الله تعالى، بل كانوا يدعون أنه حكم الله ونازل في كتابه.
فوجب أن يكون قوله ﴿وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله﴾ عائداً إلى هذا المعنى لا إلى غيره، وبهذا الطريق يظهر فساد ما ذكره في الوجه الثاني والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٩٥ ـ ٩٦﴾
فائدة
قال أبو حيان :
قال أبو بكر الرازي : هذه الآية فيها دلالة على أن المعاصي ليست من عند الله ولا من فعله، لأنها لو كانت من فعله كانت من عنده.
وقد نفى الله تعالى نفياً عامّاً لكون المعاصي من عنده. انتهى.
وهذا مذهب المعتزلة، وكان الرازي يجنح إلى مذهبهم.
وقال ابن عطية ﴿ وما هو من عند الله ﴾ نفي أن يكون منزلاً كما ادّعوا، وهو من عند الله بالخلق والاختراع والإيجاد، ومنهم بالتكسب.
ولم تعن الآية إلاَّ معنى التنزيل، فبطل تعلق القدرية بظاهر قوله :﴿ وما هو من عند الله ﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٥٢٨﴾
فائدة
قال ابن عادل :
وقوله : يَلْوُونَ " صفة لـ " فريقاً " فهي في محل نصبٍ، وجمع الضمير اعتباراً بالمعنى ؛ لأنه اسم جمع - كالقوم والرهط-.